ومتى تحقق العدل في دنيا الناس؟
إن الضعفاء لهم وسائل يدحرون بها الأقوياء.
فأسفل مخلوق يستطيع أن يكيد لأشرف مخلوق.
يستطيع المخلوق السافل الضعيف أن يزعم التفرد بحسن السيرة ومتانة الأخلاق؛ لأن ضعفه قضى بأن يكون آخر من يهم بالثورة على مأثور الأخلاق.
والحكام يعرفون أن نظام الحكم نظام دخيل في الحياة الإنسانية فهم يرضون عن الضعفاء؛ لأنهم لا يعرضونهم للقيل والقال، ويفرون من الأقوياء فرار الأجرب من بطش السليم: لأنهم يعرفون أن الأقوياء يدخلونهم في مضايق من حيوات القلوب والعقول.
وبفضل هذا العرف السخيف صار من عبارات المدح أن يقال: فلان من البيت إلى المسجد ومن المسجد إلى البيت.
وبفضل هذا العرف السخيف تقدم الضعفاء، وتخلف الأقوياء.
وبفضل تقدم الضعفاء وتخلف الأقوياء صار الشرقيون من المستعبدين.
وهل كان للشرق قوة إلا يوم صح لأنبيائه وزعمائه أن يروا لأنفسهم مزايا ليست لسائر الناس؟ وهل استطاع النبي محمد أن يستبيح من الزوجات ما لا يستبيح لأفراد أمته إلا وهو يرى أنه أقوى الرجال؟
وهل نزل الوحي في بلاد العرب إلا على رجل مشهود له بالقوة في كل شيء، حتى في النواحي الطبيعية؟
Shafi da ba'a sani ba