وابن عطاء الله لم يبتكر هذا المعنى: فهو أصل من أصول التصوف، ومن قبل قال يحيى بن معاذ:
يكاد رجائي لك مع الذنوب يغلب رجائي لك مع الأعمال؛ لأني أجدني أعتمد في الأعمال على الإخلاص، وكيف أحررها من الرياء وأنا بالآفة معروف؟ وأجدني في الذنوب أعتمد على عفوك، وكيف لا تغفرها وأنت بالجود موصوف؟
ومن دعاء أبي العباس:
إلهي معصيتك نادتني بالطاعة، وطاعتك نادتني بالمعصية، ففي أيهما أخافك؟ وفي أيهما أرجوك؟ إن قلت: بالمعصية قابلتني بفضلك فلم تدع لي خوفا، وإن قلت: بالطاعة قابلتني بعدلك فلم تدع لي رجاء، فليت شعري كيف أرى إحساني مع إحسانك؟ أم كيف أجهل فضلك مع عصيانك؟
42
وهذا كلام نفيس في معناه.
والصوفية في هذا الموطن يفرقون بين العوام والخواص، فالعوام يخافون عند موجبات الخوف ويرجون عند موجبات الرجاء، أما الخواص فيجمعون بين الخوف والرجاء في جميع الأجوال.
هل نملك الطاعة والعصيان؟
ولا يثق ابن عطاء الله بقدرة المرء على فعل الخير وترك الشر، ويرى العزيمة ضائعة، ولكنه يحاولها امتثالا للأمر، ويقول في ذلك:
إلهي، كيف أعزم، وأنت القاهر؟ وكيف لا أعزم، وأنت الآمر.
Shafi da ba'a sani ba