Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Nau'ikan
كان أبو حنيفة فقيها صوفيا، وكان الشافعي يرسل دقائق المسائل الفقهية إلى أبي حمزة الصوفي ويقول: علمنا يا صوفي، وكان يقول: استفدت من الصوفية طول صحبتي لهم سنين قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: إن لم تشغل نفسك بالخير شغلتك بالشر.
وكان أحمد بن حنبل يتنسك تنسكا صوفيا، ويأمر ابنه بملازمة الصوفية؛ ليصفو له دينه، وقد سئل: من الناس؟ فقال: العلماء، ومن الملوك؟ فقال: الصوفية، ومن السفلة؟ فقال: الذين يعيشون بدينهم.
وكذلك كان مالك والليث بن سعد وسفيان الثوري، حتى إن المتصوفة قد أرخوا لهؤلاء جميعا في طبقاتهم باعتبارهم من أئمة التصوف ورجاله الأول.
وكذلك كان كبار المتصوفة فقهاء علماء أرخ لهم الفقهاء في طبقاتهم، على اعتبارهم من السادة الفقهاء رجال التشريع؛ كالجنيد، والحسن البصري، ومحيي الدين بن عربي، والغزالي، والشعراني.
فالحقيقة التي تعلو على خصومات التاريخ أن التصوف والفقه توءمان متلاصقان، لا يعيش أحدهما بغير الآخر، ووجهان لفكرة واحدة هي الإسلام، الذي لا تكمل معانيه تشريعا وخلقا وروحا وجسدا إلا باتحادهما، حتى ليقول أحمد بن حنبل: من تصوف ولم يتفقه فقد تفسق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق.
ويقول الأستاذ آدم متز في كتابه «الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري»: «رغم خصومة المتصوفة والفقهاء نجد بين العلماء؛ كالشافعية مثلا، كثيرا من الصوفية، وهذه حقيقة واقعة. ولقد كانت علوم الصوفية الدينية أهم العلوم وأكثرها نجاحا؛ فقد كانت هي الحركة العلمية التي ضمت أعظم القوى الدينية في ذلك العهد.»
ثم يقول: «والحركة الصوفية في القرنين الثالث والرابع أوجدت في الإسلام ثلاثة مبادئ أثرت فيه تأثيرا كبيرا؛ وهي: ثقة وطيدة كاملة بالله تعالى، والاعتقاد بالأولياء، وإجلال النبي محمد
صلى الله عليه وسلم . ولا تزال هذه المبادئ الثلاثة أهم العوامل وأقواها تأثيرا في الحياة الإسلامية، ولعل هذا التفوق الذي ظفرت به المبادئ الصوفية هو سر خصومة العلماء للمتصوفة.»
ويقول الشعراني في المنن: «واعلم يا أخي أن غالب الإنكار الذي يقع بين الفقهاء والمتصوفة إنما هو من القاصر من كل منهما، وإلا فالكامل من الفقهاء يسلم للعارفين، والعارفون يسلمون للفقهاء؛ لأن الشريعة جاءت على مرتبتين، تخفيف وتشديد، ولكل من المرتبتين رجال في حال مباشرتهم للأعمال، فمن قوي منهم خوطب بالتشديد، ومن ضعف خوطب بالتخفيف والأخذ بالرخص؛ فكما أن موسى - عليه السلام - كان على هدى من الله، فكذلك الخضر - عليه السلام - ولهذا سلم موسى للخضر آخر الأمر لما علم أن للشريعة مرتبتين: مرتبة خاصة بعامة الناس، ومرتبة خاصة بالعارفين، ولا اختلاف في الجوهر بينهما.»
فقهاء عصر الشعراني
Shafi da ba'a sani ba