Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Nau'ikan
وقرأت عليه أيضا شرح جمع الجوامع للشيخ جلال الدين، وحاشية الشيخ كمال الدين، وشرح العراقي للجلال الحافظ السخاوي.»
ويمضي الشعراني في الحديث عن دراساته وشيخوخته حتى يذهل القارئ بذلك الفيض الدافق من الكتب التي أحاط بها وألم بدقائقها وأسرارها.
الشعراني في طريقه إلى الله
تنفس الشعراني أول ما تنفس الحياة في جو صوفي خالص، وفي بيت قوامه التعبد والتبتل، فهو ينحدر من أسرة ترك رأسها الأول مجد الملك ورفاهيته ونعيمه إلى النهج الصوفي ومجاهداته، ومسارح تعبداته، ومجال تأملاته، وأجواء تحليقاته، ومطالع أنواره وإلهاماته، حتى إذا كمل وارتوى واستوى انطلق داعيا إلى الله على بصيرة من أمره.
وقفى أبناؤه أثر خطواته، فما كان منهم إلا تقي نقي، وعالم رباني، وإمام من الهداة، وجاء الشعراني فرأى أول ما رأى والده الصوفي صاحب الخلوة الذي كان قليلا من الليل ما يهجع، وشاهد شقيقه العالم الصوفي الذي وهب نفسه لله، فكان يستغفر الله مع كل نفس من أنفاسه، والذي ترك الحلال خشية الشبهات.
وعاش الشعراني طاهرا بين أطهار، قوته القرآن الذي حفظه قبل التمييز، ولم يكن لهوه في طفولته عبث أطفال، وشغب صغار، بل فتح عينيه ليقرأ ويقرأ في التفسير والحديث والفقه والأصول، وليجالس العلماء ويتلقى منهم، وينهل من معارفهم وهو في الثانية عشرة من عمره.
ومن الله عليه فكان شيوخه جميعا في دراساته ممن جمعوا بين الدراسة العلمية والمناهج التعبدية الصوفية.
ولهذا رأينا الشعراني ينزع إلى التصوف، ويتعجل السبل إلى أن يشق طريقه على أيدي أرباب الطريق، ورأينا شيوخه يطلبون منه التريث حتى يستكمل العلوم الظاهرية حفظا وفهما واستنباطا.
ولكن الشعراني كان من حيث لا يشعر صوفيا كاملا من صغره، فقد زاول التصوف عملا بفطرته، فنحن نراه يكبح شهواته ويرد رغباته حتى عن الحلال المباح، ويقبل على ذكر الله ليله ونهاره، حتى ليعلق في سقف خلوته حبلا يطوق عنقه متى جلس منذ العشاء حتى مطلع الفجر؛ ليأمن سنات النوم وغفواته، فإن غلبه النعاس على أمره صب على جسمه الماء البارد.
ولقد أخذ نفسه في العبادة منذ صغره بالأحوط والأكمل، والأحوط عنده اجتناب المكروه كأنه حرام، والاعتناء بالسنة كأنها واجبة وهكذا.
Shafi da ba'a sani ba