Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Nau'ikan
21
هذه هي صفات الحق كما قررها هذان الصوفيان الكبيران، وهي متفقة في الجوهر مختلفة بعض الشيء في التفاصيل، كما أنها مستمدة في جملتها من القرآن الكريم بطريق مباشر أو غير مباشر، وإذا كان لنا أن نردها جميعا إلى أصل واحد أو صفة واحدة فهي «مخالفته تعالى للحوادث»، أو هي على حد قول الجنيد: «إفراد القديم من المحدث» أو «إفراد القدم من الحدث» على بعض الروايات. فإننا إذا أفردنا القديم بالصفات الواجبة له وميزناه عن المحدث في ذاته وصفاته وأفعاله فقد وحدناه.
ولكن هذه ليست إلا المرتبة الأولى من مراتب التوحيد، وهي مرتبة الاعتقاد بوجود الله ووحدانيته، وفي هذا المعنى يشترك أهل السنة جميعا، صوفية كانوا أو متكلمين، وهناك مرتبة أخرى للتوحيد تحدث عنها الصوفية، وأطلقوا عليها اسم «توحيد الخواص» الذي أفضل أن أطلق عليه «توحيد الشهود»، وهو توحيد ينكشف معناه في تجربة الصوفي ويتذوقه تذوقا ولا يجد التعبير إليه سبيلا: هو «حال» لا يدركها العقل وإنما تتجلى في القلب، وهو شعور غامر شامل بالقدرة الإلهية التي تتجلى في كل شيء، والإرادة الإلهية التي تنفذ في كل شيء، والفعل الإلهي الظاهر أثره في كل حركة وسكنة في الوجود. بعبارة أخرى هو على حد تعبير أبي يزيد البسطامي: «الخروج من ضيق الحدود الزمانية إلى سعة فناء السرمدية»، أو هو «شهود المطلق» وتجليه في القلب على حد تعبير المثاليين، وأول من تكلم عن هذا النوع من التوحيد مدرسة بغداد التي كان من رجالها سري السقطي، والحارث المحاسبي، والجنيد، والنوري، والشبلي، حتى أطلق عليهم السراج صاحب اللمع اسم «أرباب التوحيد» لأنهم كانوا أكثر صوفية عصرهم كلاما في التوحيد بوجه عام والتوحيد الصوفي بوجه خاص، وربما كان أبو القاسم الجنيد أبرز هؤلاء جميعا في هذا المضمار وأدناهم إلى الأصالة، أو على الأقل كما يبدو لنا مما خلف من رسائل وما أثر عنه من أقوال؛ ولذلك سنختص نظريته في التوحيد بشيء من التفصيل.
يتردد الجنيد في كلامه عن التوحيد بين المعنيين الرئيسيين اللذين أشرنا إليها وهما «توحيد العوام» وتوحيد الخواص، أو التوحيد بمعنى الإقرار والاعتقاد والتوحيد الذوقي الذي هو «شهود قلبي»، وقد أورد القشيري للجنيد طائفة من الأقوال تشير إلى النوعين، من ذلك قوله في النوع الأول: (1)
التوحيد إفراد القدم من الحدث.
22 (2)
التوحيد إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته أنه الواحد الذي لم يلد ولم يولد، بنفي الأضداد والأنداد والأشباه، بلا تشبيه ولا تكييف ولا تصوير ولا تمثيل.
23
فالتوحيد بهذا المعنى هو تمييز الله تعالى عن سائر الخلق في ذاته وصفاته وأفعاله، وهذا هو الإفراد المطلوب: فإن من أعطى القديم صفاته من الأزلية والبقاء والسرمدية والعلم المطلق والإرادة المطلقة إلى غير ذلك مما يليق بالجناب الإلهي، وأعطى المحدثات صفاتها من الحدوث والتغير والتناهي والفناء وغير ذلك مما يليق بالمخلوقات الكائنة الفاسدة، فقد وحد الحق توحيد الاعتقاد الذي يطالبه به الدين، ويكون إفراد الموحد بأمرين:
الأول: «بتحقيق وحدانيته»؛ أي بتقرير وحدة الصفات الإلهية، وتحقيق الوحدانية معناه وصف الله تعالى بوحدانية صفاته على الحقيقة، أي الإقرار بأن صفاته له لا يشاركه فيها غيره. فهو واحد في علمه وقدرته وإرادته، واحد في قدمه وأزليته وغير ذلك من الصفات.
Shafi da ba'a sani ba