Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci

Abu Cala Cafifi d. 1385 AH
184

Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci

التصوف: الثورة الروحية في الإسلام

Nau'ikan

وليست هذه «الأسماء» إلا الصفات التي أودعها الله آدم وذريته، ولم يودعها كلها، بل أودع بعضها في الملائكة؛ ولهذا كانت طبيعة الإنسان أكمل وأتم، ومرتبته في سلم الوجود أعلى من طبيعة الملائكة؛ لأن فيه نزعات الخير التي يتمثل فيها الجمال الإلهي، ونزعات الشر التي يتجلى فيها الجلال الإلهي، في حين أن الملائكة ليس فيهم من هذه الأخيرة شيء، فهم مجبولون على الطاعة والعبادة لا تجد المعصية إليهم سبيلا لأنهم لم تتهيأ لهم أسبابها. أما الإنسان فبذور الشر والمعصية أصيلة في جبلته، فإذا غالب شهوته وهواه وكبح جماح نفسه، وانتهى به الأمر إلى الطاعة، كان أفضل من الملائكة، ومن يكسب النصر في ساحة القتال خير ممن يمنح النصر منحا!

وإذا كان الإنسان من حيث هو إنسان أفضل من الملائكة، كان الأنبياء أفضل منهم من باب أولى لأن الأنبياء خاصة البشر. هذا هو رأي أهل السنة وجميع مشايخ الصوفية. أما المعتزلة فالملائكة عندهم أفضل لأنهم - في نظرهم - أعلى درجة وألطف طبيعة وأكثر طاعة، ولكن هذه الصفات ليست الصفات التي تقع بها المفاضلة، وإلا لكان إبليس - وكانت له هذه الصفات جميعها - أفضل خلق الله، مع أن الكل مجمع على لعنته بشهادة الله.

وظهرت مسألة المفاضلة بين الأنبياء والأولياء في التصوف وكان أول من أثارها متصوفة الإمامية بالكوفة: رياح وكليب من زهاد الزنادقة. ثم ظهرت بعد ذلك في كلام متصوفة الشام كأبي سليمان الداراني المتوفى سنة 215 وأحمد بن أبي الحواري المتوفى سنة 230، وكل هؤلاء يذهبون إلى تفضيل الأولياء على الأنبياء جملة، وكذلك يذهب هذا المذهب محمد بن علي الحكيم الترمذي الذي يستشهد بالحديث القائل: «إن لله أولياء ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء.» ولكن أهل السنة يجمعون على تفضيل الأنبياء على الأولياء، ويرون أن الولاية امتداد للنبوة وتأييد دائم لها؛ لأن النبوة انقطعت بموت النبي، والولاية لا تنقطع. فالأولياء هم خلفاء النبي وورثته الروحيون الذين يحملون الشعلة المقدسة من بعده، وفي هذا يقول الهجويري: «وقد أراد الله أن يظل برهان النبوة قائما إلى يومنا هذا، فجعل الأولياء وسيلة لإظهار هذا البرهان لكي يستقر الحق به وتظل حقيقة نبوة النبي ظاهرة.»

أما تأييدهم الدائم للنبي فبما يظهره الله على أيديهم من الكرامات التي تمكن لهم في نفوس الخلق وتحمل الناس على إجلالهم وتعظيمهم، وبالتالي على إجلال وتعظيم صاحب الشرع الذي يتبعونه. فالناس بعد النبي ليسوا بحاجة إلى نبي جديد ولا إلى معجزة جديدة تظهر على يد نبي، ولكنهم بحاجة إلى أولياء كاملي الإيمان مؤيدين بتأييد الله يذكرون الناس برسالة النبي إذا نسوها أو قصروا في اتباعها.

وكذلك أجمع جمهور الصوفية من أهل السنة على تفضيل الأنبياء على الأولياء وعلى أن الولاية بداية النبوة، وعارضهم في ذلك مجسمة خراسان الذين ادعوا أن الأولياء يصلون إلى حالة يفنون فيها عن أنفسهم ويبقون بالله، ويسمون هذه الحالة بالولاية، وهي ليست حالا للأنبياء، وكذلك المشبهة الذين زعموا أن في الولاية اتصافا بأوصاف الألوهية عن طريق الحلول وما شاكله، وفي هؤلاء وأولئك يقول الهجويري:

هذا هو رأي أهل السنة من الصوفية (يشير إلى تفضيل الأنبياء على الأولياء)، ولكن يعارضه الحشوية من أهل خراسان الذين يتكلمون كلاما متناقضا في التوحيد، والذين لا يعلمون مبادئ الصوفية ويدعون أنهم من أوليائهم. نعم هم أولياء، ولكنهم أولياء الشيطان. يقولون إن الأولياء أفضل من الأنبياء، ويكفي في إبطال مذهبهم أن يقولوا إن جاهلا من الجاهلين أفضل من محمد المختار، ويرى هذا الرأي أيضا المشبهة الذين يدعون أنهم صوفية ويقولون بالحلول ونزول الله إلى جسم العبد.

14

ويحاول الهجويري أن يثبت أفضلية الأنبياء على الأولياء بدليلين: أحدهما عقلي نظري والآخر صوفي. أما العقلي فهو أن الأولياء أتباع للأنبياء، والتابع أدنى منزلة من المتبوع فلا يمكن أن يكون أفضل منه، وأما الدليل الصوفي فهو أن الأولياء على سفر إلى الله، أما الأنبياء فواصلون إلى الله منذ البداية، وصلوا إليه ثم عادوا برسالاتهم لدعوة الناس وتعليمهم، والواصل إلى نهاية الطريق أفضل من السالك الذي لا يزال يسير حتى نهايته. ألا ترى أن «المشاهدة» أول درجات الأنبياء وهي آخر درجات الأنبياء، فإنه إذا وصل الولي إلى مقام الجمع استغرق في محبة الله واشتغل قلبع بمشاهدة فعل الله بحيث لا يرى في الوجود غيره. يقول أبو علي الروذباري: «لو سقط عنهم (أي الصوفية) مشاهدة معبودهم لسقط عنهم وصف العبودية.» ولكن هذه حال الأنبياء على الدوام - على حد قول الهجويري - سواء أكانوا في البدء أم في النهاية.

فإبراهيم عليه السلام في بداية حاله لما رأى القمر بازغا قال هذا ربي، ثم لما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي؛

15

Shafi da ba'a sani ba