Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Nau'ikan
أنه قال : «رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك.» •••
الولي رجل مشغول بالله، يقضي حياته في صحبة مولاه. رجل تجرد عن شهواته وعن علاقاته بنفسه وبالعالم حوله، ومن الطبيعي على من وصل إلى هذه المرتبة وتهيأت نفسه هذا التهيؤ الروحاني ألا يدخل إلى حياته المنعزلة عن مجرى التجارب الإنسانية العادية إلا الأفكار والخواطر التي تتفق وهذه الحياة. بل هنالك ما هو فوق هذا وأعلى من هذا، وهو أن الولي بفضل ما بلغه من درجة الصفاء الروحي له قدرة على إدراك معاني الغيب والكشف الإلهامي عن حقائق الأشياء. أما الإتيان بالكرامات وخوارق العادات فمن الأمور التي يدعيها جمهور الصوفية لأنفسهم عادة، وإنما يضفيها عليهم العامة من أتباعهم تمجيدا لهم ورفعا من شأنهم، وقد قيل بحق أن عددا كبيرا من المسلمين في البلاد التي غلب عليها الجهل والاعتقادات في الخرافات ليس لهم بالله إلا صلة روحية ضئيلة، وأن كل صلتهم بالأولياء مباشرة، فهم يتصلون بالله عن طريق هؤلاء الأولياء. غير أنه يجب ألا ننسى أن مثل هذه الاعتقادات في الولي ووساطته وقوته سابقة على التصوف سبقا تاريخيا، فإن فكرة الولاية أو ما يعادلها، كانت موجودة في البلاد التي فتحها المسلمون وكانت منتشرة انتشار الإسلام نفسه، فلما ظهرت حركة التصوف في البلاد الإسلامية لم تخلق فكرة الولاية خلقا، وإنما شكلت أفكارا كانت جزءا من التراث الروحي لهذه البلاد بأن أبرزت فيها الجانب الصوفي من الحياة الدينية. (2) الولاية منحة إلهية
والولاية في نظر الصوفية مرتبة لا يصل إليها الولي بأعماله ومجاهداته، وإنما هي منحة إلهية يمنحها الله من يشاء من عباده، وقد يكون الولي على حظ كبير من العبادة والزهد والمعرفة، وقد لا يكون، ولكن صفة واحدة يجب أن يتصف بها وهي اشتغاله بالله وحده وحياته فيه، وهذا هو المعنى الذي يشير إليه الصوفية بكلمة «الجذب» التي هي علامة على «الفناء» في الله. فالولي في الإسلام هو «المجذوب» إلى الله، ومن كان بهذه المثابة كان وليا ، وإذا أضيف إلى هذا الجذب «الكرامات» اعترف الناس بولايته في حياته وبعد مماته، وقد يوجد الولي ويعيش ويموت مغمورا لا يعرف الناس ولايته ولا يدركها هو في نفسه.
ومعنى منح الله الولاية للولي أنها مقدرة أزلا، شأنها في ذلك شأن المراتب الروحية الأخرى كالهداية واستجابة الدعاء وغيرهما من الأمور التي يرى الجبريون من الصوفية أنها أمور قدرها الله على العبد لا تكتسب بالجهد والعمل، وإنما يهبها الله لمن يشاء فضلا منه ونعمة. فالولاية بهذا المعنى «نور» يقذفه الله في قلب العبد، به يعرف العبد ربه. يقول الحسين بن منصور الحلاج: «لولا تعرفه (أي الله) لك ما عرفته.» أي تعرفه لك عن طريق ذلك النور، وهذا النور على درجات تتفاوت قوة وضعفا وتختلف باختلاف درجات القرب من الله، والصوفية يتحدثون عن «المكث في درجة القرب»، فمن الأولياء من يمكث في درجة المحادثة، ومنهم من يمكث في درجة المجالسة، ومنهم من يمكث في درجة المناجاة؛ ولذلك يسمون «أهل الحديث» وأهل المجالسة وأهل المناجاة وهكذا، وأعلى درجات القرب وأقواها درجة المشاهدة التي هي درجة الفناء في عين الألوهية كما يقول ابن عربي. (3) صفات الولي
ظهر مما تقدم أن للولاية في الإسلام معنيين: معنى عام غير اصطلاحي وهو ولاية كل مؤمن قربه الله إليه كما وردت في ذلك الآيات القرآنية التي أسلفنا ذكرها، ومعنى خاص اصطلاحي وهو الولاية التي لها تعريف خاص وشروط ونظام، وقد ظهر لنا عند النظر في صفات الولاية بالمعنى الثاني أن كثيرا من هذه الصفات له نظائره في الولاية بالمعنى العام، وأن الباقي هو من الصفات التي خلعها رجال التصوف على الأولياء في عصور متأخرة، وسنذكر النوعين جميعا لأن منهما تتألف الصفات التي يتميز بها الولي المسلم. (1)
من أوائل هذه الصفات وأقدمها أن الولي شخص يؤيده الله وينصره. ظهر هذا المعنى في الإسلام قبل ظهور التصوف وأولياء الصوفية كما قلنا: أي ظهر منذ ابتدأت الدعوة إلى الإسلام، وكان معنى الولاية نصرة الله للعبد لنصرته لدين الله. فالذين جاهدوا في الله كانوا أولياءه، وكذلك الذين اتقوا وأخلصوا في دينهم، وكذلك الذين اضطهدتهم قريش وآذتهم من أجل إسلامهم، كل هؤلاء كانوا أولياء لله حسب النصوص القرآنية الواردة فيهم، وفيهم جميعا نزلت الآية:
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (قرآن، 10: 62)، وورد الحديث: «من آذي وليا فقد عاداني.» وقد احتفظت هذه الصفة بمعناها - وهو التأييد والنصرة - عندما دخلت كلمة «الولي» إلى الأوساط الصوفية وأخذت صورتها النهائية الاصطلاحية. (2)
ومن الصفات القديمة للولي أيضا إكرام الله إياه، ويظهر هذا الإكرام في مظاهر شتى أخصها الكرامات التي تتأيد بها ولايته وتعرف بها منزلته، وقد أشار القرآن إلى ظهور هذه الكرامات وخوارق العادات على يد من اختصهم الله بالولاية، فاتخذ الصوفية من ذلك سندا يستندون إليه في دعوى ظهور مثل هذه الخوارق على أيديهم. من ذلك قوله تعالى في قصة مريم:
كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ،
3
Shafi da ba'a sani ba