Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Nau'ikan
في صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه
كلحظة الحاجب بالحاجب
ومع هذا، فالفرق بين ابن عربي من ناحية، وبين أفلوطين والأشاعرة والحلاج من ناحية أخرى، فرق جوهري وأساسي، ومذهبه مختلف عن مذاهبهم.
وتمشيا مع منطق العقل - لا الكشف - يحاول ابن عربي أن يفسر العلاقة بين الواحد والكثير، ويلجأ في ذلك إلى ضروب من التمثيل والتشبيه قد تعين بعض الشيء على فهم هذه المشكلة المعقدة، ولكنها قد تبلبل فكر القارئ الذي يأخذها بحرفيتها وإشاراتها المادية. من ذلك تمثيلية الذات الإلهية بشيء منعكسة صوره على مرايا، والكثرة الوجودية بالمرايا التي ينعكس عليها صور ذلك الشيء. أو تمثيله الذات الإلهية بالواحد العددي، والكثرة الوجودية بسائر الأعداد التي تستمد وجودها من «الواحد». أو تمثيله الذات الإلهية بالجسم، والكثرة الوجودية بأعضاء الجسم التي لا وجود لها ولا كيان بغير الجسم، وهذا التشبيه الأخير ممعن في المادية.
وللحقيقة الوجودية في تنزلها إلى علمنا ثلاث مراتب: مرتبة «الأحدية المطلقة»، وهي مرتبة الذات أو مرتبة «العماء»، ونحن لا نعرف عن الذات الإلهية - من حيث هي - شيئا، ولا نستطيع أن نصفها بشيء سوى محض الوجود لأنها من هذه الحيثية مجردة عن كل اسم ووصف وإضافة، والثانية مرتبة «الواحدية» وهي المرتبة التي تتجلى فيها الذات في مجالي الأسماء والصفات، أو هي مرتبة «الحق» أو الله بالمعنى الديني، ولكن الأسماء والصفات الإلهية هي من ناحية عين الذات (كما يقول المعتزلة)، ومن ناحية أخرى عين العالم الخارجي إذ ليس العالم الخارجي عند ابن عربي سوى مجموعة من المجالي والمظاهر التي تتجلى فيها الذات الواحدة فيما لا يتناهى من الصور. فالعالم الخارجي هو مجموعة صفات الله، ووجود الذات فيه وجود مقيد نسبي لأنه وجود متعين في صور أعيان الممكنات، أو متعين في النسب والإضافات التي نطلق عليها اسم الصفات، ومن هنا كانت الموجودات كلها صفات للحق كما يقول ابن عربي: «فما وصفناه (أي الحق) بوصف إلا كنا (أي المحدثات) ذلك الوصف.» ويقول: «فهو تعالى المسمى بكل اسم لمسمى في العالم مما له أثر في الكون.»
8
وفي هذه المرتبة ندرك الفرق بين الإله والمألوه، والخالق والمخلوق، والمطلق والنسبي، والحق والخلق. أما في مرتبة العلماء - أو الإطلاق الصرف - فلا ندرك هذه المعاني؛ ولهذا يخطئ ابن عربي الغزالي ومن يرى رأيه من الحكماء في زعمهم أن الله تعالى يمكن أن يعرف من غير نظر في العالم، فيقول: «نعم تعرف ذات قديمة أزلية، لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه، فهو (أي المألوه) عين الدليل عليه.»
9
والصلة بين المرتبة الأولى والمرتبة الثانية أشبه بالصلة بين ما هو بالقوة وما هو بالفعل، ولكنه خروج لما بالقوة إلى ما بالفعل غير محدود بزمان؛ إذ لا أول له ولا نهاية، بل التجلي الإلهي عملية أزلية أبدية أو عملية خلق مستمر، الغاية منه معرفة الحق بظهور أسمائه وصفاته على صفحة الوجود. بهذا يفسر ابن عربي معنى «الخلق» وسره، ويشير إلى الحديث القدسي الذي يقول الله فيه: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبي (أو فبه) عرفوني.» وكذلك يشرح سر خلق الإنسان بأنه إظهار للكمالات الإلهية في صورة جامعة يرى فيها الحق نفسه، فيقول:
Shafi da ba'a sani ba