Fassara a Duniyar Larabawa
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Nau'ikan
الافتقار إلى إحصاءات ببليوجرافية شاملة ومحققة عن الحاضر والتاريخ؛ مما يعني افتقار المجتمع إلى ذاكرة تسجل نشاطه الثقافي، بما في ذلك الترجمة. هذا على عكس ذاكرة الثقافة الدينية الأصولية. (9)
غياب دليل المترجمين العرب وتخصصاتهم وإنجازاتهم، على الرغم من أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أصدرت دليلا، إلا أنه قاصر ومعيب. (10)
غياب جيل جديد من المترجمين الخبراء المجيدين، ويعكس هذا فقر الثقافة وقصور التعليم، تعبيرا عن غياب الجهد النهضوي. (11)
غياب الدراسة التحليلية للمترجمات دراسة بناء على منهج المباحث العلمية المتداخلة، تاريخ وعلم نفس واجتماع وأنثروبولوجيا ... إلخ؛ لتحليل الموضوع وتحليل الأسباب؛ أسباب التدني من حيث الكم والكيف، دون الاقتصار على إحصاءات كمية وأرقام مجردة. هذا إذا أردنا أن نعرف أنفسنا ونفكر عبر الحقيقة وإن كانت مؤلمة، تأكيدا لعزمنا على التغيير. وغني عن البيان أن دراسة تحليل الموضوع سوف تكشف عن أي فروع المعرفة تحظى باهتمامنا، وأيها نعزف عنها، ومن ثم وجه القصور المعرفي الحقيقي في حياتنا الثقافية، ومدى ارتباط ذلك تاريخيا بثقافة مجتمعية غالبة، وكذلك اقتران ذلك بتخلفنا المعرفي العلمي. (12)
غياب الدراسة التحليلية المقارنة لمراحل وعصور نشاط الترجمة في حياتنا، والمقارنة مع المجتمعات الأخرى؛ حتى لا نزهو بفتات وقشور الإنجازات الفكرية العلمية. ويكفي أن نعرف أن العالم ينفق أكثر من خمسمائة بليون دولار سنويا على البحوث والتطوير، وجدير بالذكر أن الدول المتقدمة تنفق سنويا ما بين 2 و3 بالمائة من إجمالي الدخل القومي على البحث العلمي في المجالات غير العسكرية، بينما تنفق البلدان العربية ما بين 0,2 و0,5 بالمائة من دخلها. ويتجلى فقر البحث العلمي في اغتراب غالبية العلماء العرب خارج أوطانهم.
وحري بنا هنا أن نلقي نظرة إلى خلاصة ما انتهى إليه التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية، والذي يعرض الحصاد الثقافي العربي لعام 2007م؛ إذ يؤكد أن المناخ السياسي المتسم بالاستبداد والقهر وغياب الحريات أدى إلى انتعاش الظلامية والأصولية والتطرف. ونعرف أنه مناخ ممتد على مدى قرون. وطبيعي أنه مسئول عن انصراف الإنسان العربي عن ثقافة تحصيل العلم، وعن الاهتمام بالقراءة العلمية والبحث، والعجز عن التغيير، وهو ما يتجلى في مجال النشر تأليفا وترجمة.
ويشير التقرير العربي الأول إلى تدني النشر العربي تأليفا وترجمة، وقصوره الشديد، وندرة الكتاب الذي يتناول علوما أساسية، وغلبة الكتب الدينية والأدبية.
وسبق لنا، منذ أكثر من عشر سنوات، أن عرضنا في الطبعة الأولى من كتابنا «الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي» (إصدار المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة)، رؤيتنا التي تؤكد ذلك على أساس من دراسة تحليلية وإحصائية. ولكن للأسف انبرى عدد من المثقفين الذين فزعوا من هول الصدمة، وحرصوا على الدفاع الأعمى عن النظم الحاكمة، وعن واقع مهين مترد، وشرعوا في التشكيك في الرؤية وفي الإحصائيات عن غير علم. ونحن لن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام ما لم نلتزم منهج «التفكير عبر الحقيقة».
بعد هذا أقول إجمالا: الترجمة في التاريخ العربي موقف ثقافي اجتماعي سلبي من المعرفة إنتاجا وإبداعا وتحصيلا واستثمارا. إن مناط الأمل ومحور الجذب في ثقافتنا الاجتماعية التي أفقرها ورسخ واقعها البائس، الاستبداد والجمود والتخلف، هو تحصيل علم لدني دون الدنيوي، ونرى في هذا صراطنا المستقيم وخيرنا الأعظم.
ولهذا فإن النهوض بالترجمة لا يكون إلا بشرطين: (1)
Shafi da ba'a sani ba