Fassara a Duniyar Larabawa

Shawqi Jalal d. 1450 AH
162

Fassara a Duniyar Larabawa

الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة

Nau'ikan

وهكذا يمكن القول: إن التقليدي بفكره أو بلغته إنما هو أحد تجليات أزمة الوعي الاجتماعي والتاريخ في مجتمع يعاني من السكون وعدم التجديد، تجديد الفعل والفكر، ومن ثم تجديد اللغة. إن التعامل مع العصر يكون بفكر؛ أي بلغة حضارة العصر التي هي منتج اجتماعي حضاري. وبهذه اللغة نقرأ حياتنا وتاريخنا وعالمنا قراءة جديدة، وتكون هي القراءة الأرجح صوابا والأنجح وسيلة لرسم معالم المستقبل والتحرك نحوه. ومن ثم نقول: إن المسافة الفاصلة بين اللغتين هي مسافة حضارية. وتستلزم المصالحة أو عملية التصحيح نقلة حضارية بكل مقتضياتها؛ لغة، ومنهج تفكير، ونظرة إلى العالم، ونهج تعامل أو تناول لظواهر الوجود؛ أعني أن قطع هذه المسافة الفاصلة لا يتأتى إلا بفضل وظيفة معرفية كاملة الأركان لينتقل الإنسان/المجتمع نقلة حضارية جديدة.

إشكالية الدلالة

أما مسألة المصطلح فإنها تتعلق برسم الكلمة ودلالاتها وذيوعها اجتماعيا، ولا يخفى أننا نعاني مشكلة في هذه العناصر الثلاثة ؛ الرسم، والدلالة، والرواج؛ فقد نجد مصطلحا واحدا مرسوما بالأحرف العربية في صياغات مختلفة باختلاف المترجم، وقد نجد مصطلحا عربيا غير واضح المدلول لغياب إطاره الفكري ونشاطه العلمي المتولد عنه، وقد يكون للرسم الواحد دلالات متباينة عند أصحابه في اللغة الأجنبية لأسباب اجتماعية وثقافية، وتكون المشكلة في التعبير عن ذلك عربيا.

إن المصطلحات العلمية هي في حقيقتها إفراز ونتاج عمليات بحث فكري، وهنا يكون المصطلح تعبيرا وتجسيدا لوحدة الفكر والفعل أو وحدة النشاط الاجتماعي الإنتاجي والنشاط الفكري معا، وليس في استقلال؛ إذ يضع الباحث مصطلحا للدلالة على موضوع اكتشافه، أو حدث ما يعايشه. ووضوح المعنى في الأذهان لا يكون إلا بتصور الذهن لدلالة المصطلح؛ أي عناصر الحدث كآلية أو كموضوع. وطبيعي أننا لا ننشد امتلاك كلمة عربية جديدة نزهو بها أو إبدال منطوق غربي بمنطوق عربي، وإنما غايتنا وضوح المعنى والصورة الذهنية والمفهوم. الأمر الذي لا يبين جيدا إلا من خلال نشاط علمي مواز من شأنه أن يوضح، بل ويضيف.

المصطلح معرفة وفهم

والمصطلح العلمي ليس كلمة فقط منطوقة أو مكتوبة مودعة في قاموس، بل هو جزء من نشاط معرفي هو بعض نسيج المجتمع. الكلمة في حد ذاتها خاملة سلبية، ولكنها ضمن هذا النسيج تعبر عن فعالية نشطة داخل بنية فكرية تجسد علاقة الإنسان بالحياة، ومعبرة عن مستوى معرفي، وتتداخل في رابطة عضوية وبمصطلحات أخرى؛ أي بنية معرفية دينامية آخذة في التطور .

وهكذا لا يكون المصطلح كلمة جديدة، بل وحدة من وحدات لغة العلم التي تسعى إلى إثبات حصاد البحث والتجريب؛ أي إثبات المعارف. إنه معرفة مجالها النشاط المجتمعي، وهو بهذا المعنى إنجاز بكل ما تعنيه كلمة إنجاز من فعالية إيجابية أو إضافة.

وهو أيضا إنجاز من حيث إنه لبنة من لبنات نسيج النشاط المعرفي المجتمعي للتحقق تجريبيا أو نظريا من العالم. إنه إنجاز من حيث إنه وليد شرعي لبحث نظري أو تجريبي يتعين أن يكون ضمن إطار الوعي، ومن حيث إنه إنجاز، فإن - شأنه شأن العلم - له دلالة تاريخية واجتماعية ، ومن ثم فهو رهن بزمان نشأ فيه أدى إلى ظهوره أو اندثاره، ورهن بظروف اجتماعية من حيث القيم التي تعززه أو تنبذه، والنشاط العلمي الذي يستوعبه ويمنحه الحياة.

الوظيفة الاجتماعية للمصطلح

المصطلحات العلمية تأتي ذلولة منقادة لمجتمع يمثل العلم فيه نشاطا معرفيا سائدا، وفعالية لها دورها في بناء المجتمع. هكذا الحال في عصور الازدهار الحضاري، حيث الترجمة تلبية لحاجة اجتماعية؛ أي استجابة لنشاط إنتاجي إبداعي. ليس الأمر أن هناك لغة متخلفة وأخرى متحضرة، وإنما هل ثمة وظيفة اجتماعية للمصطلح، أو سيظل مهجورا أو محصورا؟ فالنشاط العلمي الاجتماعي هو الكفيل بتيسير وإنجاز صوغ المصطلحات ومنحها الحياة، وإضافة الجديد واستيعاب الوافد وليد حركة الإبداع العلمي النشطة في العالم.

Shafi da ba'a sani ba