Tafarkin Ikhwan Safa
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Nau'ikan
10
فالآيات المنزلة في الآفاق هي الوجه الظاهر للقرآن، والذي يراه الناس فيما خرج عنهم، أما الآيات المنزلة في أنفسهم فهي الوجه الباطن للقرآن، والذي يراه العارفون في ذواتهم كشفا وبيانا، فنزول القرآن على القلوب يكون بحسب استعدادها لتلقيه، وهذا معنى قوله تعالى:
أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ... .
11
أي أنزل القرآن من السماء إلى الأرض كما أنزل المطر من الغيم، فاحتملت القلوب من علم القرآن بحسب اتساعها في المعارف وصفاء جواهر النفوس، مثلما تحمل الأودية من سيل المطر بحسب سعتها وجريانها.
يجد التأويل أصوله في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف. فقد نبه الباري عز وجل إلى وجود نوعين من الآيات في كتابه العزيز، بعضها محكم وبعضها متشابه، أي يشتبه على القارئ معناه للوهلة الأولى. فالمحكم واضح للجميع، أما المتشابه فيتطلب التأويل؛ أي التبصر في معانيه الباطنية. قال تعالى:
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ... .
12
وهذه الآية يجب أن تقرأ وفق بعض المفسرين من أهل التأويل، على أن الواو الواقعة بين «الله» و«الراسخون في العلم» هي واو العطف وليست استئنافية؛ فالله والراسخون في العلم معه هم الذين يعرفون تأويل الآيات المتشابهات. وهذا الرأي هو الأصوب، وإلا فما معنى امتلاء القرآن بآيات لا يعرف تأويلها إلا الله وحده، وهو الكتاب الذي أنزل هدى للناس كافة؟
لقد أعان الله على فهم القرآن عن طريق «العلم» و«الحكمة» اللذين وهبهما لأنبيائه، وأتاح لمن يشاء من عباده الارتقاء على مدارج العلم وصولا إلى الحكمة التي هي غاية العلم القصوى. قال تعالى:
Shafi da ba'a sani ba