ثانيًا: ثمرته بالنسبة للعلم نفسه وعلوم الإسلام:
وثمرة علم التوحيد باعتبار العلم نفسه هي حفظ هذا العلم بحفظ قواعده، وأصوله ومسائله، وفي هذا حفظ للدين نفسه؛ لأن العلم الشرعي دين يدان الله تعالى به، قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه"١.
وإذا كان العلم الشرعي مطلوب الحفظ عامة، فلا شك أن علم الاعتقاد يطلب حفظه على وجه الخصوص؛ لأنه أصل لما عداه؛ ولأنه أول الواجبات وآخرها وألزمها على المكلف، قال ابن القيم ﵀: "إن العبد لو عرف كل شيء ولم يعرف ربه فكأنه لم يعرف شيئا"٢، والمتعرض لحلظ هذا العلم متعرض لفضل الله ورحمته، ودعاء النبي ﷺ له بنضارة الوجه، ورفع الدرجات وتكفير السيئات، واستغفار الملائكة وسائر المخلوقات، "ولا رتبة فوق رتبة من تشتغل الملائكة وغيرهم بالاستغفار والدعاء له، وتضع له أجنحتها"٣.
وحفظ العلم كما يكون بتعلمه يكون بتعليمه وتوريثه وبذله لطالبيه، وهذا من أفضل القرب وأعلى الرتب، وفي الحديث: "خير ما يخلف الرجل بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية يبلغه أجرها، وعلم يعمل به من بعده" ٤.
قال أنس بن مالك ﵁: "بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة كما تُسأل الأنبياء، يعني: عن تبليغه"٥.