يا ربي كم أحبها! وكم يسعدني الوجود بقربها! وتقدم خطوة جديدة فقال: أنت تعرفين كل شيء عني تقريبا، فهل تعرفينني بك؟ - وماذا أعرف عنك؟ - اسمي، عملي، أبي ، مهمتي في القاهرة، إعجابي بك.
وهي تضحك ضحكة صامتة: لا تخلط الحقائق بالخيال.
وقال لنفسه بل هو الحقيقة الوحيدة التي عرفتها. وتجهم الجو في المحل كأن نوافذه أغلقت، وغاب إشراق الظهيرة السابح وراء الحاجز الزجاجي في الخارج فتخيلا جسامة السحابة التي أخفت الشمس.
وقال مستدرجا إياها إلى الاعتراف: وبدوري فأنا أعرف اسمك ووظيفتك. - وماذا تريد أن تعرف أكثر؟ - ما تجودين به، متى توظفت؟ - منذ ثلاثة أعوام، وهو تاريخ تخرجي في التجارة الثانوية، ولكني مستمرة في التعلم.
وقلق. لا تسألي عن مؤهلاتي فالكذب هنا لا يجدي. ولكنك لبقة مهذبة. - وأسرتك بالجيزة هه؟ - أعيش مع أمي فقط، أسرتنا من قليوب، وخالي بمصر الجديدة، المهم أن في أسرتنا مفقودا مهما كما في أسرتك.
فقال بدهشة: من هو؟
أجابت وهي تكتم ضحكة: أبي.
اتسعت عيناه الجميلتان في ذهول. وتذكر الحلم العجيب. وقصه عليها محورا فيه بما يتمشى مع كذبته الأولى. الآباء المفقودون أكثر مما تتصور، ولعلهما يبحثان عن أب واحد. - لكن كيف فقد أبوك؟ - لا كأخيك، ألا ترى أنني أبيح أسرار أسرتي بغير حساب؟
فرمقها بعتاب ما لبث أن اختفى وراء نظرة متألقة بحب الاستطلاع في ذروته، فقالت: الحقيقة أن أبي انفصل عن أمي وأنا في المهد. - هرب؟
ضحكت ضحكة عالية فتنبه إلى هفوته قائلا: أعني اختفى؟ - إنه محام معروف في أسيوط، ولعلك سمعت عنه فهو الأستاذ عمرو زايد.
Shafi da ba'a sani ba