عن هذا المذهب قوتان كبريان ، احداهما منظمة معتدلة ومركزها قرية سلمية بقرب حمص ، وهي موئل الدولة ، الفاطمية العبيدية ، ومجمع أسرارها ، والثانية قوة ذات فوضى وجور ، ونكوب عن حسن السياسة ، ومركزها كان لأول ظهورها بالعراق ، وهي القرامطة وهذه أولاهما في الظهور ، فإنها ظهرت بوادر شرها في عهد المعتمد على الله : وفي الأحداث الكائنة أيام الفاطمية ما يؤيد نظرية الأستاذ الخضري ، فقد كانت الحروب على أشدها بين الفاطميين والقرامطة ، وذلك على عهد المعز لدين الله أول من ملك مصر من العبيديين والقائد جوهر ، ولما هلك المعز ، وتولى بعده ابنه العزيز سنة 365 أغارت القرامطة على دمشق وكان بها القائد جوهر ، ففر منهم إلى عسقلان فحصروه بها سبعة عشر شهرا حتى افتدى نفسه منهم بمال ، ثم قصدهم العزيز وقاتلهم (1) قتالا شديدا ، وانتصر عليهم ، بعد أن قتل من أصحابه نحوا من عشرين ألفا ، وهذه الأحداث وإن كانت تدل على العداء المستحكم والتباين بين الفريقين ، فإن في غيرها ما يدل على الإتصال الوثيق بين الطائفتين ، وذلك فيما رواه ابن الاثير وغيره ، عن أبي طاهر القرمطي ، لما أخذ الحجر الأسود وقتل الحاج ، وانتهك حرمة البيت الحرام ، كتب إليه المهدي عبيد الله الفاطمي من المغرب ينكر عليه ذلك ويلومه ويلعنه ، ويقول : قد حققت على شيعتنا ، ودعاة دولتنا اسم الكفر والإلحاد بما فعلت ، وإن لم ترد على أهل مكة ، وعلى الحجاج وغيرهم ما أخذت منهم وترد الحجر الأسود إلى مكانه ، وترد كسوة الكعبة فأنا بريء منك في الدنيا والآخرة ، ولما وصله هذا الكتاب أعاد الحجر الأسود إلى موضعه ، وقال : أخذناه بأمر ورددناه بأمر (2).
وذكر المعري في رسالة الغفران : أن للقرامطة بالاحساء بيتا يزعمون أن
Shafi 120