ثم كتب الإمام إلى صعصعة بن جعفر صاحب ريدة فأجاب بالسمع والطاعة ، فوجه إليه الإمام نفرا من همدان لضبط البلد ، وإخراج من فيه من ولاة الدعام ، ثم ان الدعام جمع جموعه ونهض يريد البون (1) فبلغ الإمام ، وكان قد انتقل من أثافت إلى خيوان ، فخرج من خيوان إلى بيت زود ، ونزل الدعام بحمدة من قرى البون ، فصار الإمام بعسكره إلى موضع يعرف بنجد الطين (2)، وهنالك أمر بتعبية أصحابه ، ولما رآه الدعام كذلك عبأ عسكره ، وقبل أن يلتحم القتال ، بين الفريقين أرسل الإمام رسولا إلى الدعام ، وقال له : يقول لك الهادي لا تقتل العرب فيما بيننا وابرز إلي ، ويتوقف الناس حتى أقاتلك ، فإن قتلتني استرحت مني وإن قتلتك استراح منك أهل الإسلام ، فلما وصل الرجل الدعام واخبره بمقالة الإمام رد ردا جميلا وقال انه لا يريد الحرب ، فأعاد إليه الإمام رسولا يعظه ويوقفه على ما هو فيه من الضلال ، ودامت الرسل بينهما تختلف إلى ان انتهت بالصلح ، ودخول الدعام في عداد الخاضعين لراية الإمام ، وحلف له على السمع والطاعة ، واختلط العسكران (3)، وعاد الإمام إلى بيت زود وسار الدعام إلى حمدة فأقاما ثلاثة أيام ، والرسل بينهما تختلف لتقرير مواد الصلح ، وفي اليوم الرابع أغار أرحب بن الدعام على أثافت بقوم من همدان يقال لهم بنو سليمان (4) كانوا بطانة أرحب المذكور ، وقد ساءهم الصلح فزينوا له الغدر ونكث العهود وجرءوه على قتل عامل الإمام واظهار الفساد :
ومن يكن الغراب له دليلا
يمر به على جيف الكلاب
ولما بلغ الدعام الخبر اغتم ، وانتقل إلى ورور ، ثم لحق باثافت ، وما
Shafi 85