Tarihin Da Bayanin Masallacin Tuluni
تاريخ ووصف الجامع الطولوني
Nau'ikan
وهم العباس بالشخوص إليه ففزعت الطائفة التي حسنت له الخروج من أبيه وعلموا أنه موقع بهم فحضوه على المقام، فرجع إلى قولهم، وعزم على المسير إلى إفريقية، ورأى أنها أمنع له من برقة، فكتب إلى إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب أن كتاب المعتمد ورد عليه بتقليده إفريقية، ويأمره بالدعاء له بها، ويخبره أنه سائر إليه، ثم سار فنزل لبدة فخرج إليه عاملها وأهلها فتلقوه وأكرموه، ولكنه أمر بنهبها، فنهبت وأهلها على غرة، فقتلت رجالهم وفضحت نساؤهم، وبلغ الخبر إلياس بن منصور النفوسي، وهو يومئذ رأس الإباضية، وبعث إبراهيم بن أحمد بجيش آخر فأطبق الجيشان على العباس فباشر يومئذ الحرب بنفسه وحسن بلاؤه وأثر فيه، ولكن لم يلبث أن قتل يومئذ صناديد عسكره ووجوه أصحابه وحماته، ونهبت أمواله وسلاحه، ورجع هاربا إلى برقة في ضر وإخلال.
23 (17) إخماد عصيان العباس سنة 268 هجرية/881 ميلادية
وخرج أحمد بن طولون في عسكر عظيم، قيل إنه بلغ مائة ألف لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة ثمان وستين ومائتين، وقد أجمع على النهوض بنفسه إلى برقة، ووصل إلى الإسكندرية فأقام بها، وهرب أحمد بن محمد الواسطي من بين يدي العباس، ولقي أحمد بن طولون فصغر أمر العباس عنده، فعقد على جيش سيره إلى برقة، فالتقى بأصحاب العباس فانهزموا وقتل منهم كثير، وهرب العباس فأدركوه يوم الأحد لأربع خلون من رجب سنة ثمان وستين ومائتين، ورجع أحمد بن طولون إلى الفسطاط يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب، وأتي بالأسرى وقد بنيت لهم دكة عظيمة رفيعة السمك، وأحضر جعفر بن جدار من خاصة العباس وممن أغروه فضرب ثلاثمائة سوط وقطعت يداه ورجلاه وألقي من الدكة. (18) خروج المعتمد من العراق للحاق بمصر ومنعه سنة 269 هجرية/882 ميلادية
وخرج أحمد إلى الشام ومعه العباس مقيدا، ومنها سار يريد المسير لمحاربة أهل طرسوس، وفيها يازمان الخادم فتلقاه كتاب المعتمد يعلمه أنه قادم عليه ليلتجئ إليه لتحكم أخيه الموفق فيه والتضييق عليه، وهو ولي العهد، حتى إنه لم يبق للمعتمد وهو الخليفة إلا الاسم، فتوقف أحمد عن المسير، وكتب إلى المعتمد يواعده أنه يحضر إليه ويحمله إلى مصر ويجعلها دار الخلافة ويذب عنه من يخالفه في ذلك، فتهيأ المعتمد وخرج من العراق يريد اللحاق بمصر، وأقام يتصيد بالكحيل، وقدم صاعد بن مخلد من عند أبي أحمد الموفق، ثم شخص إلى سامرا في جماعة من القواد في جمادى الآخرة، وقدم قائدان لابن طولون يقال لأحدهما: أحمد بن جبغويه، وللآخر: محمد بن عباس الكلابي الرقة، فلما صار المعتمد إلى عمل إسحاق بن كنداج، وكان العامل على الموصل وعامة الجزيرة، وكان من مع المعتمد من القواد حذروه المرور به وخوفوه منه فأبى إلا المرور به، وقال لهم: إنما هو مولاي وغلامي وأريد أن أتصيد فإن في الطريق إليه صيدا كثيرا، فلما صاروا في عمل إسحاق، وقد نفذت إليه الكتب من قبل صاعد بالقبض عليهم، لقيهم وسار معهم وانتظر حتى ارتحل التباع والغلمان الذين كانوا مع المعتمد وخلا بالقواد فقال لهم: إنكم قد قربتم من عمل ابن طولون والمقيم بالرقة من قواده وأنتم إذا صرتم إليه فالأمر أمره وأنتم من تحت يده ومن جنده، أفترضون بذلك وقد علمتم أنه إنما هو كواحد منكم؟! وجرت بينه وبينهم مناظرة، ولما طالت بمجلس المعتمد قال لهم: قوموا بنا حتى نتناظر في هذا في غير هذا الموضع وأكرموا مجلس أمير المؤمنين من ارتفاع الصوت فيه، فأخذ بأيديهم وأخرجهم من مضرب المعتمد فأدخلهم مضرب نفسه وعند ذلك دخل جلة غلمانه وأصحابه وأحضرت القيود وشد غلمانه على كل من كان شخص مع المعتمد من سامرا من القواد فقيدوهم، فلما قيدوا وفرغ من أمرهم مضى إلى المعتمد فعذله في شخوصه عن دار ملكه وملك آبائه وفراقه أخاه وهو مشتغل بالحروب، ثم حمله والذين كانوا معه في قيودهم حتى وافى بهم سامرا.
24 (19) غضب ابن طولون على بكار بن قتيبة
وعقد الموفق لابن كنداج على مصر، ونصب لأحمد الحرب وصرح بعزله ولعنه، وعلم ابن طولون بما وقع فرجع إلى دمشق وأمر بإحضار القضاة والفقهاء والأشراف وأمر أن يكتبوا بخلع الموفق من ولاية العهد فأجاب القضاة كلهم إلى خلعه وسماه بكار بن قتيبة الناكث وأشهد على نفسه هو وسائر قضاة الشام والثغور، فطلب منهم أحمد أن يلعنوا الموفق فامتنع بكار، فألح عليه فأصر على الامتناع حتى أغضبه، وكان قبل ذلك مكرما معظما عارفا بحقه، وكان يجيزه في كل سنة بألف دينار فيتركها بختمها ولا يتصرف فيها، فلما غضب عليه أرسل إليه: أين جوائزي؟ وكان ابن طولون يظن أنه أنفقها وأنه يعجز عن القيام بها فلهذا طالبه، فقال بكار: على حالها. فأحضرها من منزله بخواتيمها ستة عشر كيسا فقبضها أحمد، وكان قبل ذلك أرسله إلى ابنه العباس لما خالف عليه ببرقة فأجابه العباس إلى الرجوع إلى أبيه، ثم خلا ببكار فقال له: المستشار مؤتمن، أتخاف علي من أبي؟ قال: قد أمنك وحلف لك، ولا أدري أيفي أم لا. وامتنع العباس من الرجوع معهم.
ولما اعتقل بكار أمره ابن طولون أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري ففعل وجعله كالخليفة له، وبقي مسجونا مدة سنتين، وكان يحدث في السجن من طاق فيه؛ لأن أصحاب الحديث شكوا إلى ابن طولون انقطاع سماع الحديث من بكار وسألوه أن يأذن له في الحديث ففعل.
وبلغ الموفق ما فعله أحمد بن طولون فكتب إلى عماله يأمرهم بلعنه على المنابر فلعن عليها بما صيغته: اللهم العنه لعنا يفل حده ويتعس جده، واجعله مثالا للغابرين، إنك لا تصلح عمل المفسدين
25 («الكندي»، ص229). (20) خروج أحمد بن طولون إلى طرسوس
ثم مضى أحمد بن طولون إلى طرسوس من دمشق فوجد يازمان قد شخص بها ونصب المجانيق على سورها، فنزل أحمد بن طولون بجيوشه عليها في شدة من البرد وكثرة من الأمطار والثلوج، فأرسل يازمان الماء على عسكر أحمد بن طولون من نهر البردان فغرق عسكره، ولم يكن لابن طولون مقام، فرحل عنها ليلا ورجع أذنة فأقام بها.
Shafi da ba'a sani ba