Tarihin Al'ummar Larabawa a Zamanin Khalifofin Rashiɗai
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Nau'ikan
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
وليس وراء الله للمرء مذهب
فقالوا: نابغة بني ذبيان. فسألهم: من الذي يقول:
أتيتك عاريا خلقا ثيابي
على وجل تظن بي الظنون
فألفيت الأمانة لم تخنها
كذلك كان نوح لا يخون
فقالوا: النابغة. فقال: هو أشعر شعرائكم.
هذا هو عمر الذواقة للشعر، النقادة للأدب، العارف بأسرار العربية ودقائق الحكمة، فحري به أن يركع للقرآن ويؤمن به حين يسمعه.
وقد كان دخول عمر في الإسلام سببا من أسباب عزة المسلمين، لما كان له من الجاه والنفوذ والسمعة الطيبة بين قومه. قال ابن مسعود: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر، وقال: كان إسلام عمر فتحا، وهجرته نصرا، وإمارته رحمة، ولقد رأيتنا ولم نستطع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا، وقال أيضا: لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعا إلى الله علانية. وقال علي: لما أسلم عمر واعتز الإسلام والمسلمون به طلب إلى الرسول أن يظهر الدعوة، وألا يحفل بقلة المسلمين وكثرة المشركين ما دام المؤمنون على الحق والمشركون على الباطل. ويأبى الله إلا أن ينصر قلة المؤمنين ويذل كثرة المشركين، وقد قبل الرسول فكرة عمر، فلاقى المسلمون من جراء ذلك بعض العنت والإيذاء من فجار قريش، ولكنه كان أمرا لا بد منه، وما من دعوة حق ظهرت إلا وأوذي أصحابها وفتنوا عن دينهم، فالواجب يقضي على المسلمين أن يضحوا وأن يتلقوا من العذاب والشدة ما تلقاه أمثالهم من رجال الدعوات والأديان السابقة من الحواريين وأنصار الأنبياء والمرسلين، وأصحاب العقائد والمصلحين، وليكن عمر وإخوانه من المسلمين الأولين أول من يتلقى الأذى في سبيل الدعوة الجديدة، وقد فعلوا ذلك وتلقوا ما تلقوا بقلب ثابت، وجأش لا يخفق إلا خوفا من الله وحده، وتحملوا في سبيل ذلك من ضروب العسف ألوانا وهم يواصلون العمل ليل نهار لنشر دين الإسلام ومحاربة أعدائه وإعلاء كلمته وحماية رسوله، حتى إذا رأوا أن قوة الشرك قد طغت ، وبراثن الضلال قد قويت، ولم يعد للمسلمين إلا الهرب بدينهم والهجرة عن أوطانهم، فهاجروا من مكة إلى أرض الله الواسعة، ولكن عمر أبى أن يهاجر، فضاق المشركون به ذرعا، وعزموا على قتله، ولكن العاص بن وائل والد عمرو حماه منهم وأنذر من يصيبه بسوء.
Shafi da ba'a sani ba