Zamanin Bunƙasa: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashi na Biyar)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Nau'ikan
12
وكما اهتم المنصور بتحصين الحدود البيزنطية اهتم كذلك بتحصين حدوده في الشمال والمشرق وإفريقية، وبعث الجيوش إلى شمال إفريقية بقيادة يزيد بن حاتم ففتح القيروان في سنة 155ه، وأغزى العلاء بن مغيث اليحصبي الباجي على أن يثور على عبد الرحمن في الأندلس فثار في سنة 146ه، ولكن عبد الرحمن فتك به فلم يصل المنصور إلى طلبه. (1-5) التنظيم المالي
اشتهر المنصور بأنه مالي ومقتصد، وأنه كان يحاسب على الدانق حتى سمي أبا الدوانيق، وقد قام بإصلاح الخراج؛ فقد كان النظام المتبع في العراق منذ عهد عمر بن الخطاب أن يأخذ الخراج نقدا وعلى مقدار الأرض سواء أزرعت أم لم تزرع، وقد رأى المنصور تبدل الأحوال والظروف فوضع نظام المقاسمة مما تنبت الأرض بأن يأخذ جزءا من نتاجها ويترك الباقي لصاحبها.
وقد كان المنصور يتشدد في جمع الضرائب في أوقاتها وفي أخذها نقودا جيادا صحاحا، كما كان يتشدد العمال وأصحاب الخراج في مطالبتهم الأهلين بما تحت أيديهم من موارد الدولة والفتك بمن تبلغه عنه خيانة أو اختلاس، وقد خلف المنصور في بيت المال بعد وفاته ستمائة ألف ألف درهم وأربعة عشر ألف ألف دينار، وهو مبلغ جسيم جعل المهدي من بعد أبيه ينفق عن سعة في تنظيم شئون الدولة العربية. (1-6) توجيه الدولة للقضاء على روح التمرد والزندقة
كان ظهور دولة العباسيين باعثا قويا على انتعاش القومية الفارسية وما يتبعها من إحياء المجوسية والآمال القومية الأخرى، وقد أمل الفرس كثيرا في أن يقلبوا الدولة العربية إلى فارسية، ولكن أملهم خاب ولم تتحقق تلك الأمنية التي أرادوها بمثل تلك العجلة، وكان من جراء هذه الخيبة أن نشأت في إيران أيام هذه الدولة فرق تتستر بالدين والمبادئ الاجتماعية، وما هي في الحقيقة إلا فرق تريد هدم الإسلام والقضاء على كيان العرب، وقد تعددت هذه الفرق وتنوعت مبادئها وأساليبها، ولكنها كلها كانت ذات هدف واحد وهو دك صرح الإسلام وإعادة المجوسية وتقليص مجد العرب، وقد أمل الفرس أن يجدوا في آل علي وآل العباس ذريعة إلى هذا الهدف، ولكنهم فشلوا كما سنرى.
ويظهر أن أول حركة قامت تهدف إلى هذا الغرض هي حركة «بهافريد» وهو متنبئ فارسي قام في عهد أبي العباس بثورة عقلية عنيفة في نيسابور، زعم أنه جاء ليتمم رسالة «زرادشت»، فاستجاب له خلق كثير، وبخاصة الذين هم من أصل مجوسي، وقد أدخل تعديلات على الزرادشتية منها ترك تحريم الخمور وأكل الميتة ونكاح الأمهات والبنات والأخوات وبنات الأخ، ومنها فرض سبع صلوات في اليوم إحداهن لتوحيد الله، مع أن الزرادشتية دين ثنوي، ولم يكن يهدف «بهافريد» دينيا فحسب، بل مزج ذلك بحركة إصلاح اجتماعية، كدعوته إلى تحديد المهور، وإيجابه ألا تتجاوز «400» درهم، ودعوته إلى طرح كثير من العادات القبيحة كالسكر والإفراط في الملذات وما إلى ذلك، وقد تحمس لدعوته المجوس أول الأمر، ولكنهم لما وجدوه قد بدل في طقوس الزرادشتية كثيرا اعتبروه مخالفا، فاجتمع موابذتهم وهرابذتهم،
13
وتداولوا أمرهم بينهم فقرروا مقاومة حركته، حتى ذهب فريق منهم إلى أبي مسلم الخراساني فقالوا له: إن «بهافريد» قد أفسد دين الإسلام ودين المجوس، فبعث من حمله إليه فقتله وقتل كبار رجال دعوته وعددا كبيرا من أنصاره، وضعف شأن البهافريين بعده، ويذكر ابن النديم أن البهافريدية كانت موجودة إلى أيامه في القرن الرابع.
14
ومن تلك الحركات الهدامة «حركة الخرمية»، وهي طائفة أرجعت مبادئ دينها إلى مذهب مزدك الإباحي، واسمها مأخوذ من قولهم «خرم دينان»؛ أي الدين الفرح، مزجوا بعض تعاليم الإسلام بالمزدكية من تناسخ واشتراكية في المال والنساء وحلول، فخرج من ذلك مزيج غريب، ومن فروع هذه الفرقة «الخداشية» والزرامية.
Shafi da ba'a sani ba