Zamanin Haɗaka: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Hudu)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Nau'ikan
10
إنه كيسان مولى علي بن أبي طالب، ولكنه قول غريب؛ لأنه مات في صفين قبل قيامهم بنحو ثلاثين سنة. وقال المسعودي في المروج 2: 79، وابن عبد ربه في العقد 1: 269، والطبري أيضا 2: 671، والنويحي في فرق الشيعة، ص21، إنه كيسان أبو عمرو مولى بجيلة، صاحب شرطة المختار بن أبي عبيد الثقفي، وهو الصواب الذي يؤيده ابن سعد (5: 77)، وأبو حنيفة الدينوري في الأخبار الطوال، ص296، والبلاذري في أنساب الأشراف (5: 229)، ويذكر ابن سعد: أن كيسان كان ضمن الرجال الذين شهدوا بأن ابن الحنفية سمح للمختار بن أبي عبيد، أن يبث الدعوة باسمه (أي باسم ابن الحنفية)، وإن كان هذا القول غير صحيح تاريخيا؛ فإن ابن الحنفية لم يمالئ المختار، بل بايع يزيد بن معاوية؛ لأنه لم يكن يثق بأهل الكوفة. وأول ما نسمع بذكر المختار الثقفي في الفتنة بين علي ومعاوية، ثم ينحرف إلى الخوارج عندما يقوى أمرهم، فحين صفعوا تركهم والتحق بابن الزبير، ثم تركه وساير محمد ابن الحنفية وادعى أنه من أنصاره، وانحدرا إلى الكوفة يدعو له، ويزعم أن محمد ابن الحنفية (المهدي) قد بعثه إلى الكوفيين لينقذهم، وهذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها بذكر «المهدي».
وأما السبئية: فنسبتهم إلى عبد الله بن سبأ الذي كان يهوديا فأسلم وتشيع لعلي وآله، وغالى في ذلك غلوا كبيرا، وأخباره كثيرة مشهورة. وقد كان المختار داهية، استطاع أن يجمع كافة فرق الشيعة تحت لوائه، كما تمكن من أن يخدع التوابين، ويجتذب فلولهم التي بقيت بعد معركة عين الوردة «رأس العين» سنة 65ه، وخدع الموالي، ونفخ فيهم روح التمرد على العرب، وهذه هي الفترة الأولى التي ظهرت روح التمرد من الموالي، فتمكن أن يجمع جيشا كبيرا، واستطاع به أن يقضي على عامل الكوفة من قبل ابن الزبير فطرده، ثم أرسل جيشا بقيادة إبراهيم بن الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد، فالتقى جيشاهما على نهر الخازر فقتل ابن زياد وتفرق جيشه، وبذلك انتقم للحسين من قاتليه، ثم حمل رأسه إلى المختار فبعث به إلى ابن الزبير، وكان لقتل ابن زياد عدو الشيعة وقاتل الحسين، أنهم تعلقوا بالمختار وأيدوه، حتى خاف ابن الزبير على مكانه في العراق، فبعث إليه أخاه مصعبا بجيش كثيف، فقتل المختار وعددا كبيرا من الشيعة، واستولى مصعب على الكوفة سنة 67، جرت هذه الحوادث وعبد الملك يرقب الأمور عن كثب، وقد راقه تقاتل الطرفين لينهك بعضهما الآخر، فلما قتل المختار واستولى مصعب على زمام الأمر، خرج إليه عبد الملك بعد أن هادن إمبراطور البيزنطيين حين أغار على الثغور الإسلامية في سنة 70، وتعهد عبد الملك بدفع الأموال والهدايا، وخمسين ألف دينار كل عام. ولما يكد جيش عبد الملك يخرج من دمشق ويصل إلى أراضي الفرات، حتى بلغه أن عمرو الأشدق قد ثار عليه في دمشق، فرجع إلى الشام، وأخذ يتلطف مع عمرو حتى تمكن منه وقتله بعد أن أمنه، وكان هذا أول عهد غدر به في الإسلام.
11
ولما استقر لعبد الملك أمر دمشق رجع إلى العراق، فحاصر زفر بن الحارث زعيم القيسية في قرقيسياء قرب رحبة مالك بن طوق على نهر الخابور، والذي كان يدعو لابن الزبير، ورأى أن الحزم في مصالحته فصالحه، وبذلك انضوت القيسية تحت لواء عبد الملك، وبانضوائها سيطر عبد الملك على جناحي النسر العربي (قيس واليمن) ثم سار عبد الملك للقاء مصعب، فانخذل جيش مصعب أمام عبد الملك، ثم إنه أخذ يدعوهم ويمنيهم، فتخلى كثير منهم عن ابن مصعب وانضموا إليه. وكتب عبد الملك إلى قواد مصعب وأعيان الكوفة حتى أفسدهم عليه إبراهيم بن الأشتر، فإنه أعطى الكتاب الذي بعث به إليه عبد الملك إلى مصعب، فوجده يمنيه بولاية العراق، ثم إن إبراهيم بن الأشتر أخبر مصعبا بخبر سائر القواد، وأنهم أخفوا كتب عبد الملك عن مصعب، وطلب منه أن يقتلهم لئلا يفسدوا في الجيش فلم يفعل، فطلب منه أن يحبسهم إلى أن يتبين الأمر فأبى ذلك عليه أيضا.
12
وكان مصعب مخطئا في سياسته هذه، فقد تفرق عنه قواده لما نشب القتال بين الطرفين، وقتل مصعب بعد أن أظهر من ضروب البطولة والجرأة ما يدهش له المرء، ودخل عبد الملك الكوفة سنة 71، ثم سيطر على البصرة، وصفا له العراق ولم يبق أمامه إلا الحجاز الذي سيطر عليه ابن الزبير. وما أن استقرت له أمور العراقيين حتى بعث جيشا كبيرا بقيادة الحجاج لقتال ابن الزبير في الحجاز، فذهب إليه وقتله على الشكل الذي رأينا في الفصل الخاص بابن الزبير.
ولما قتل ابن الزبير وصفا أمر الحجاز لعبد الملك، ولى عليه الحجاج بن يوسف من 73-75ه حين ولاه على العراق، فسار إليه في جيش لجب من أهل الشام، ولما بلغ القادسية أمر الجيش بالاستراحة، واستمر هو في الكوفة فدخلها، وألقى في مسجدها خطبته المشهورة التي أولها:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
متى أضع العمامة تعرفوني
Shafi da ba'a sani ba