Zamanin Haɗaka: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Hudu)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Nau'ikan
وفي كتاب الفتوح للبلاذري أن أبا عبيدة لما فرغ من أمر دمشق سار إلى حمص فمر ببعلبك، فطلب أهلها الأمان والصلح، فصالحهم على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، وكتب كتابا صورته «هذا أمان لفلان بن فلان، وأهل بعلبك رومها وفرسها وعربها على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ودورهم».
49
وأما العرب فقد دخلوا ديار الشام منذ زمن بعيد جدا. قال الأستاذ كرد علي: لم تطل حياة عنصر في صحة ببلاد الشام، كما طالت حياة العرب، فإنهم فيها على أصح الأقوال منذ ألفين وخمسين سنة، وأوصله بعضهم إلى نحو أربعة آلاف سنة، وهم الذين اندمج فيهم عامة الشعوب القديمة واستعربت، فلم تعد تعرف عن العربية لسانا ومنزعا، ثم أورد عدة أدلة، ومنها أن الإسكندر لما جاء إلى غزة وحاصرها، كانت حاميتها عربا فقاومته أشد المقاومة، ومنها أن أحد تلامذة المسيح بشر بلغات عديدة، منها اللغة العربية كما ورد في أعمال الرسل، ومنها أن الحارث - حاكم دمشق - كان عربيا لما دخلها بولس الرسول، كما ورد في رسالته إلى أهل مدينة كورنتوس.
50
وأما القبائل العربية التي سكنت الشام فكثيرة، منها الغساسنة الذين تنصروا، ومنهم آل جفنة ملوك دمشق، وحوران، والبلقاء، وحمص، واليرموك، والجولان، وقد استمر ملكهم نحوا من ستة قرون، ومنها التنوخيون، وقد تنصروا أيضا وحكموا بلاد الجزيرة منذ القرن الثالث الميلادي.
51
وأما اليهود فقد كانوا يسكنون في الشام منذ زمن إبراهيم - عليه السلام - حينما جاء من «الرها»، وسكن في «حبرون»، التي عرفت بالخليل، وقد وجدت آثار تاريخية تدل على قدم وجود اليهود في مدن الشام، كدمشق، وحلب، وحوران، وسائر بلاد الفينقيين في الألف الثاني قبل الميلاد.
ويروي الأستاذ كرد علي أن قائدي سيدنا عمر عندما فتحا الشام، انتقيا نفرا غير قليل من اليهود والمسلمين الدمشقيين من أرباب الصناعات والفنون الجميلة، وجيء بهم بعد إلى بلاد بخارى، فتوفروا على البناء المماثل تمام المماثلة للنسق الدمشقي من حيث طراز البناء ورسومه وأشكاله وأدواته، حتى يخيل لمن يزور تلك الأصقاع أنه في سوق أو في دار من أسواق الشام ودورها، ثم أخذ نزول اليهود في دمشق منذ أمد بعيد مشهود ومحسوس، من كنيس قرية جوبر التي تبعد بضع دقائق عن شرقي دمشق، وقد جاء ذكره في التلمود الموضوع أكثر من ألفي سنة، وأن اليهود لم ينقطعوا عن الشام لا سيما عند فتح المسلمين لها، إذ ثبتت أقدامهم فيها وتوفرت لهم أسباب الهناء والرخاء.
52
وأما الفرس: فقد قدموا إلى الديار الشامية منذ القديم. وقد كانت العلاقات بين الفرس والروم علاقات متوترة، فلم تكد الحروب تنقطع بين الجانبين، وكان الفرس إذا احتلوا الديار الشامية، أجلوا من أهلها إلى ديارهم، وأسكنوا بعض جاليتهم في مدن الشام الكبرى كحلب ودمشق، وآخر حملة حملوها على سورية كانت قبل الفتح الإسلامي في سنة 610، وقد فتكوا بالرومانيين وسيطروا على آسية الصغرى وسورية، وخربوا وغنموا.
Shafi da ba'a sani ba