Zamanin Haɗaka: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Hudu)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Nau'ikan
وتجلدي للشامتين أريهم
أني لريب الدهر لا أتضعضع
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألفيت كل تميمة لا تنفع
49
ولما أغمي عليه وأفاق، قال لأهله: اتقوا الله عز وجل؛ فإن الله سبحانه يقي من اتقاه، ولا واقي لمن لا يتقي الله. ثم أوصى بنصف ماله أن يرد إلى بيت المال، ثم قضى. وصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري، وكان يزيد غائبا بحوارين، فأقبل وأبوه مدفون، فأتى قبره وصلى عليه ودعا له.
كان معاوية من رجال العرب والإسلام، آتاه الله عقلا واسعا، وحزما نافذا، وإرادة وقوة وذكاء ودهاء وسياسة وكياسة. قال ابن طباطبا: كان معاوية عاقلا في دنياه، لبيبا عالما حليما ملكا قويا، جيد السياسة، حسن التدبير لأمور الدنيا، عاقلا حكيما فصيحا بليغا، يحلم في موضع الحلم، ويشتد في موضع الشدة، إلا أن الحلم كان عليه أغلب، وكان كريما باذلا للمال محبا للرئاسة مشغوفا بها.
50
وقال المسعودي: كان من أخلاق معاوية أنه كان يؤذن في اليوم والليلة خمس مرات، كان إذا صلى الفجر جلس للقاص حتى يفرغ من قصصه، ثم يدخل فيؤتى بمصحفه، فيقرأ أجزاءه، ثم يدخل إلى منزله، فيأمر وينهى، ثم يصلي أربع ركعات، ثم يخرج إلى مجلسه، فيأذن لخاصة الخاصة فيحدثهم ويحدثونه، ويدخل عليه وزراؤه فيكلمونه فيما يريدون من يومهم إلى العشي، ثم يؤتى بالغداء الأصغر، ثم يتحدث طويلا، ثم يدخل منزله لما أراد، ثم يخرج فيقول: يا غلام أخرج الكرسي، فيخرج إلى المسجد، فيوضع فيسند ظهره إلى المقصورة، ويجلس على الكرسي، ويقوم الأحداث فيتقدم إليه الضعيف والأعرابي والصبي والمرأة، ومن لا أحد له، حتى إذا لم يبق أحد دخل فجلس على السرير، ثم يقول: ائذنوا للناس على قدر منازلهم، ثم يؤتى بالغداء، ويحضر الكاتب، فيقوم عند رأسه ويقدم الرجل، فيقول له: اجلس على المائدة فيجلس، فيمد يده فيأكل لقمتين أو ثلاثا، والكاتب يقرأ كتابه فيأمر فيه أمرا، فيقال: يا عبد الله أعقب، فيقوم ويتقدم آخر حتى يأتي على أصحاب الحوائج، ثم يرفع الغداء ... فيدخل منزله، فلا يطمع فيه طامع حتى ينادى بالظهر، فيخرج فيصلي، ثم يدخل فيصلي أربع ركعات، ثم يجلس فيأذن لخاصة الخاصة، فإذا كان الوقت وقت شتاء أتاهم بزاد الحاج من الأخبصة اليابسة، والخشكنانج، والأقراص المعجونة باللبن والسكر من دقيق السميد، والكعك المنضد، والفواكه اليابسة، وإن كان وقت صيف أتاهم بالفواكه الرطبة، ثم يدخل إليه وزراؤه فيؤامرونه، ويجلس إلى العصر ثم يخرج فيصلي، ثم يدخل منزله فلا يطمع فيه طامع، حتى إذا كان آخر أوقات العصر خرج فجلس على سريره، ويؤذن للناس على منازلهم، فيؤتى للنساء فيفرغ منه مقدار ما ينادى بالمغرب، ولا ينادى له بأصحاب الحوائج، ثم يرفع العشاء، وينادى بالمغرب فيخرج ويصليها، ثم يصلي بعدها أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة خمسين آية، يجهر تارة ويخافت أخرى، ثم يدخل منزله فلا يطمع فيه طامع حتى ينادى بالعشاء الآخرة، فيخرج فيصلي ثم يؤذن للخاصة وخاصة الخاصة، والوزراء والحاشية فيؤامره الوزراء، ويستمر إلى ثلث الليل في أخبار العرب وأيامها، والعجم وملوكها وسياستها لرعيتها، وسائر ملوك الأمم وحروبها ومكايدها، وغير ذلك من أخبار الأمم السالفة، ثم تأتيه الطرف الغريبة من عند نسائه من الحلوى وغيرها من المآكل اللطيفة، ثم يدخل فينام ثلث الليل، ثم يقوم فيقعد، فيحضر الدفاتر فيها سير الملوك وأخبارها والحروب والمكايد، فيقرأ ذلك عليه غلمان له مرتبون، قد وكلوا بحفظها وقراءتها، فتمر بسمعه كل ليلة جمل من الأخبار والسير والآثار وأنواع السياسات، ثم يخرج فيصلي الصبح، ثم يعود فيفعل ما وصفنا كل يوم.
51
Shafi da ba'a sani ba