Zamanin Haɗaka: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Hudu)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Nau'ikan
وما إن وطئت قدماه أرض الشمال الإفريقي حتى أخذ ينظم أسطولا ضخما يلقى به الروم، الذين أخذوا يحاولون غزو الشمال الإفريقي بحرا بعد أن فشلوا فيه برا، وما إن أتم عمارة أسطوله أخذ يغزو في البحر، فافتتح من جزائر الباليار جزيرتي ميورقة ومنوزقة، ويعرف هذا الفتح بفتح الأشراف لكثرة من اشترك فيه من أشراف العرب، ثم افتتح ثغر سبتة
Ceuta
وعزم من ذلك الحين على افتتاح ما وراء البحر من بلاد الأندلس.
الفصل الأول
فتح الأندلس1
كانت بلاد الأندلس خاضعة للواندل ثم للقوط، وهم قبائل بربرية قوية زحفت على إفريقية من أوروبا الشمالية، وقوضت أركان الإمبراطورية الرومانية، وأسست دولة في شبه جزيرة إيبريا في نهاية القرن الخامس للمسيح، جعلت عاصمتها «طليطلة». ولم تستطع هذه القبائل إقامة ملك قوي لغلبة روح البداوة عليها، وعدم تمكنها من الامتزاج بالسكان الأصليين امتزاجا صحيحا؛ ولذلك انقسم الناس إلى حكام هم القوط، ومحكومين هم سكان البلاد، وكانت الهوة سحيقة بين القسمين، فأولئك هم أصحاب الإقطاعات والأملاك والخيرات، وهؤلاء هم شبه رقيق، ومن بين هؤلاء وأولئك توجد طبقتان؛ أولاهما طبقة رجال الدين المسيحي الذين يتمتعون بسلطان واسع؛ لأن القوط كانوا نصارى متعصبين، وثانيتهما طبقة اليهود الذين كانوا يتمتعون بالذكاء والعلم والمال، ولكنهم كانوا مضطهدين، تحاول الكنيسة تنصيرهم أو نفيهم أو مصادرة أموالهم، وتقع الفتن والحروب بينهم وبينها، ومن أعنف هذه الحروب والفتن ما جرى في سنة 616م.
هكذا كانت بلاد الأندلس حين استولى العرب على الشمال الإفريقي، وكان ملك القوط اسمه «وتيزا»، ويسميه العرب «غيطشة»، ينافسه على الملك الأمير «رودريك» الذي يسميه العرب «الذريق»، فلما كانت سنة 711م هلك «وتيزا»، واستقل «ردريك» بالبلاد، وكان موسى بن نصير يرقب الأمور عن كثب من الجانب الإفريقي، فبعث مولاه طريفا على رأس خمسمائة مقاتل في سنة 710م، فاحتلوا شبه الجزيرة المعروفة اليوم باسم جزيرة «طاريقا»، وهي آخر نقطة جنوبية من القارة الأوروبية. وفي سنة «92ه/711م» بعث مولاه طارق بن زياد الليثي في سبعة آلاف مقاتل، فاحتل سفح الجبل المعروف باسمه اليوم، واشتبك مع جيوش ردريك في تموز من تلك السنة على شاطئ بحيرة «جاندا»، وانتصر طارق، وتقحم المسلمون بلاد الأندلس حتى بلغ العاصمة طليطلة، فافتتحها وبعث أمراء جنده يفتتحون العواصم فسيطروا على غرناطة، وقرطبة، وأستجة، ومالقة، واستطاع في فترة ستة أشهر أن يستولي على نصف شبه الجزيرة، ويقضي على دولة القوط في موقعة شذونة ويديل دولتهم التي دامت ثلاثة قرون، ثم تلقى طارق أوامر من مولاه موسى بوقف الفتح خوفا على المسلمين؛ لأنه كان قد أمره ألا يتجاوز قرطبة، فرأى موسى أن ينجده بنفسه، فسار على رأس عشرة آلاف من العرب وثمانية آلاف من البربر يحملهم أسطول عظيم، ولما وصلوا «الجزيرة» استقبلهم الكونت أليان (يوليان) في رمضان سنة 93ه/حزيران 712م، ثم زحف موسى، فاستولى على شذونة و«قرمونة»، وهي من أمنع معاقلهم، و«إشبيلية» وهي من أعظم قواعدهم و«ماردة»، ثم التقى بطارق فأنبه أشد تأنيب على مخالفته أوامره وزج به في السجن.
2
ثم أفرج عنه، ونظم معه خطة فتح سائر شبه الجزيرة، فافتتحا ولاية «أراجون» في الشمال الشرقي، ثم استوليا على «سرقسطة» و«طركونة» و«برشلونة»، وبعد هذا الفتح افترقا، فسار طارق نحو المشرق؛ ليفتح «جيليقية» التي تجمعت فيها فلول القوط، وسار موسى نحو الشمال، فاخترق جبال البرانس، واستولى على «قرقشونة» و«أربونة» و«لوطون».
3
Shafi da ba'a sani ba