Zamanin Karyewa: Tarihin Al'ummar Larabawa
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Nau'ikan
ومن الفضلاء الفرس الذين قدموا العراق في هذه الفترة الخواجة سلمان الساوجي (؟-777ه)، وهو من الشعراء المعروفين، ولحوادث العراق وأخبار رجاله في هذه الحقبة ذكر كثير في ديوانه.
وقد ظهر في هذا العصر نفر من العلماء المشهورين أمثال: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي الحنبلي (؟-739ه)، وجلال الدين محمد بن عبد الرحمن العجلي القزويني (؟-739ه)، ونجم الدين سليمان بن عبد الرحمن النهرماوي (؟-748ه)، وصفي الدين عبد العزيز بن سرايا الحلي الشاعر (؟-750ه)، وتاج الدين علي بن سنجر ابن السباك البغدادي (؟-750ه)، ومحمد بن الحسن بن يوسف المطهر الحلي (؟-771ه)، ومحمد بن محمد غياث الدين العاقولي (؟-797ه)، وزين الدين عبد الرحيم بن الحسن العراقي الكردي (؟-806ه).
هؤلاء هم النفر المشهورون في بغداد والبلاد العراقية في القرن الثامن من علماء العربية والدين والأدب، أما في القرن التاسع: فقد أصاب العراق جهالة طخياء، ولولا بعض المدارس القديمة والأئمة الأعلام من شيعة وسنة لما بقي للعلم أثر ولا للثقافة خبر، ولم نعد نرى في هذا العصر أثرا للفنانين أو الخطاطين الذين كنا نجدهم من قبل، كما لم نعد نرى جماعة تعني ببناء المدارس العلمية والمعاهد الدينية اللهم إلا نادرا.
والحق أن العراق العزيز لم يمر بفترة قضي فيها على النشاط العلمي طوال تاريخه، مثل أواخر القرن التاسع، فقد تحكم فيه الأعاجم تحكما فظيعا كما رأيت، وكسدت سوق العلم والأدب والفنون، وكيف يعمل قوم على نشر العلم والعربية وهم جهال سخفاء، يكرهون العروبة.
ولقد زادت نكبة العراق حينما انتشر أمر المشعشعين، وسيطروا على العامة، وهم قوم جهال مفسدون عطلوا شعائر الإسلام، وتعلقوا ببعض الأقوال المبرقشة، حتى ادعى أحد شيوخهم أن روح الإمام علي عليه السلام قد حلت فيه، وأنه هو الله تعالى ... إلى آخر ما هنالك من الأباطيل التي أقصت الناس عن النهج العقلي القويم، أضف إلى ذلك انتشار طائفة من الباطنية المخربين الذين يعرفون بالفرقة «الحروفية» التي جعلت نصوص القرآن عبارة عن رموز وإشارات وحروف، وحرفت ألفاظ القرآن عما وردت فيه، وبدلوا معاني كلماته، فرفعوا التكاليف وألغوا الفرائض والأحكام الشرعية، وطغت على الناس بسببهم أمواج من الجهل المطبق، والمنطق الأخرق.
ولا يعرف العراق في القرن الثامن مدة اشتنشق فيها عبير العلم، ونعم بتنشيط أمرائه سوى فترة قصيرة هي أيام السلطان حسن الطويل، فقد كان كما أسلفنا - سلطانا عادلا عالما، محبا للعلم ولأهله، مجالسا للعلماء والأدباء.
ومما هو جدير بالذكر أن للمذهب الشيعي ولمدارسه العديدة في النجف الأشرف والحلة الفيحاء أثرا كبيرا في حفظ تراث الأدب والعربية وعلوم الإسلام في هذه الحقبة، ومن أفاضل العلماء والأدباء الذين كان لهم فضل كبير في إحياء الجذوة الأدبية: أبو عبد الله المقداد بن عبد الله الأسدي الحلي (؟-829) وأحمد بن محمد بن فهد الحلي (؟-841).
أما بعد، فهذه حالة العراق العلمية، وهي كما ترى حالة لا تسر كثيرا، ولولا أن الله قد حفظ العلم والأدب والعربية في هذا العصر بأقطار أخرى كالشام ومصر والمغرب لكانت النكبة أعظم، ولكن الله سلم.
الفصل الثالث
الحالة الإدارية في العراق بعد سقوط بغداد
Shafi da ba'a sani ba