Zamanin Karyewa: Tarihin Al'ummar Larabawa
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Nau'ikan
أما الشاه إسماعيل فإنه بعد أن تلقى تلك الصفعة القوية في معركة جالديران رجع إلى بلاده، وأخذ يعد نفسه للانتقام، ولكنه لم يلبث قليلا حتى مات في سنة 930ه/1523م، فخلفه ابنه طهماسب الأول 930-984ه، وكان شجاعا داهية، خلف له أبوه مملكة واسعة فأحسن تصريف أمورها، ووقعت بينه وبين العثمانيين عدة حروب لقي العراق العزيز منها، وبسبب هاتين الأسرتين الحاكمتين، ويلات وضوائق، وخلاصة ذلك أن العراق بعد أن هلك الشاه إسماعيل تسلط عليه أمير من أمراء الأكراد اسمه ذو الفقار، فطرد الأمراء الصفويين واستقل به لنفسه، وكان رجلا داهية شجاعا جوادا فأحبه العراقيون وأذعنوا له، وحين أحس بأن طهماسب الصفوي يريد مبادهته كتب إلى السلطان سليمان بن سليم العثماني يعرض عليه خضوعه، وأنه يضرب الدراهم باسمه، ويخطب له على المنابر، فلما بلغت هذه الأخبار أسماع الشاه طهماسب جهز جيشا قويا، وأم العراق في سنة 936ه وحاصر بغداد، وكانت مقاومة ذي الفقار أميرها شديدة، حتى تم له النصر على الجيش الفارسي، ولكن الشاه طهماسب استطاع أن يخدع أخوي ذي الفقار، ويغريهما على الوقوف في وجه أخيهما وقتله فقتلاه، ودخلت الجيوش الفارسية إلى بغداد من جديد بعد أن انقطعت صلتها بهم فترة قصيرة، ولم يخرج طهماسب من العراق حتى أعاد ترتيب إدارة البلاد إلى نظامها الفارسي القديم، وسمى حكاما في كل مقاطعة، وجعل في بغداد الأمير محمد خان تقلو آل شرف الدين واليا، فظل هذا في ولايته إلى أن دخلت جيوش السلطان سليمان القانوني العثماني في سنة 941ه/1534م.
وهكذا قضي على النفوذ الفارسي في العراق، وكان عهد الدولة الصفوية - على الأغلب - عهدا أسود مظلما، تركوا فيه لولاتهم الحبل على الغارب، يفعلون فيه ما يشاءون، ويسخرون الأهلين في سبيل مصالحهم الخاصة ومطامعهم الشخصية، حتى ضاقوا بهم، وتمنوا نصرة العثمانيين عليهم، وأعانوهم على ذلك.
ولما استولى الأتراك العثمانيون على العراق عمدوا إلى تنظيمه، والعناية بشئونه واستقرت أحواله طوال قرن تتعاقب عليه الولاة، الذين كان فيهم الصالح، ومنهم الطالح، ولم ينس الملوك الفرس العراق، بل ظلوا يطمحون إلى السيطرة عليه؛ لأن فيه العتبات المقدسة التي تضم رفاة الأئمة، والمشاهد المقدسة في النجف والكوفة وكربلاء وبغداد، وظل النفوذ التركي، والنفوذ الفارسي يسيطران على العراق إلى أن كانت سنة 1032ه/1623م، فاستطاع شاه فارس الصفوي أن يحتل بغداد بسبب خيانة أحد العصاة الانكشارية، وخضع العراق كله من جديد للنفوذ الفارسي الصفوي خمس عشرة سنة، ثم استرده العثمانيون، وطردوا الفرس، وقاسى الأهلون ويلات وشدائد بهذه الفتن،
5
ولم يصف جو البلاد إلا في عهد نفر من الولاة المصلحين، وفي طليعتهم حسن باشا الأيوبي الذي تولى العراق سنة 1116ه/1704م، وكان مصلحا عمرانيا محبا للعلم وأهله رءوفا بالناس، وخلفه من بعده ابنه أحمد باشا بعد وفاة أبيه في سنة 1136ه/1723م على بغداد، ودام حصار العاصمة سبعة أشهر لقي الناس أثناءها بلاء عظيما، وتم الاتفاق بين نادر شاه وبين أحمد باشا على المصالحة وعقد معاهدة تقضي بجعل منطقة حرام بين العراق وفارس، ورأت الدولة العثمانية نقل واليها أحمد باشا من بغداد، فبعثت به إلى حلب وأرسلت إلى العراق في سنة 1147ه/1734م إسماعيل باشا والي طرابزون، فتأسف الناس لسفر أحمد باشا؛ لما كان عليه من حسن الإدارة والإصلاح، وعملوا لدى الباب العالي على إعادته إليهم، وتم لهم ما أرادوا في سنة 1149ه/1736م فسار بهم سيرة حميدة، وعمل للقضاء على النفوذ الفارسي والفساد الانكشاري والثورات البدوية إلى أن توفي سنة 1160ه/1747م، وتعاقب على العراق بعده ولاة قساة إلى أن كانت سنة 1182ه/1773م وجرت الحرب بين الدولتين العثمانية والإيرانية، واستولى الإيرانيون على العراق ولقي الأهلون منهم مآسي فظيعة، ثم استعاد العثمانيون البلاد وتعاقب عليها ولاة لم يكن في أعمالهم ولا في تصرفاتهم ما يستحق الذكر إلى أن أطل القرن الثالث عشر للهجرة.
الفصل السادس
الشام منذ القرن السابع للهجرة
من العسير جدا على المؤرخ أن يفرق في هذه الفترة بين تاريخ الشام وتاريخ مصر؛ فإن القطرين كانا في الحقيقة يكونان وحدة سياسية، كما سنفصله في المباحث المتعلقة بمصر، ولكن هناك حوادث ذات بال، وذات طابع مخصوص جرت في الشام، فلا بد لنا من الإشارة إليها والوقوف عندها طويلا، وبخاصة فيما يتعلق بحملات الصليبيين.
أطل القرن السابع للهجرة وبعض بلاد الشام خاضعة للسلطان الأيوبي وبعضها الآخر خاضع للنفوذ الصليبي وبخاصة السواحل الشامية، وكانت الحرب تكون دوما سجالا بين الملك العادل وبين الصليبيين، ومن أعظم المعارك التي جرت في سنة 603ه هجوم الملك العادل على عكا وقبول حاكمها وأهلها بمصالحته، وإطلاق من في أيديهم من أسرى المسلمين، وفي سنة 604ه كثرت غارات الصليبيين من طرابلس، وحصن الأكراد على المدن الداخلية الشامية، وبخاصة مدينة حمص وما إليها، وقد حصل في سنة 607ه حادث اضطربت له بلاد الشام جميعا، وخلاصته أن نساء دمشق قصص شعورهن وضفرن منها حبالا تستعمل في حبال المنجنيق وعدد الجهاد ضد الصليبيين، وكن قد بعثن بهذه الحبال إلى علامة الشام ومصلحها وواعظها في ذلك الحين سبط ابن الجوزي،
1
Shafi da ba'a sani ba