Zamanin Karyewa: Tarihin Al'ummar Larabawa
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Nau'ikan
ولما رأى الرسول شدة حصاة العراقيين رجع وأخبر السلطان بما رأى، فتساهل معهم ولم يقسرهم على شيء، إلا أنه ظل يفضل آل البيت عليهم السلام ويكرمهم، وكانت سيرته في الغالب سيرة حسنة، وقد سعى في نشر الدين بين قبائل التتار حتى دخلوا فيه أفواجا، وقد كان شديد التعصب لإسلاميته، مضيقا على أهل الذمة، وقد احتال اليهود في عهده كثيرا وقاموا بأعمال إجرامية، وتستر بعضهم بستار الإسلام وهو يبطن اليهودية، ومن أخبث اليهود الذين لعبوا دورا هاما في هذه الفترة امرأة أظهرت الإسلام وتزوجت الخواجة سعد الدين الوزير، واتفقت هي والطبيب اليهودي نجيب الدولة الذي أظهر الإسلام أيضا، وأخذا يلعبان أدوارا أقضت مضجع الأهلين، وفتكا بطائفة كبيرة من الأعيان والأشراف، وقد كانت هذه العصابة المجرمة، وعلى رأسها نجيب الدولة وتلك المرأة الخبيثة، سبب نكبة طائفة من الأغنياء والوجوه.
ومن يلاحظ في عهد السلطان محمد أن الأعراب وسكان البادية قد قوي أمرهم، وأضحوا أصحاب نفوذ، وتدخلوا في شئون الحاضرة، ومن العشائر الكبيرة التي كان لها نفوذ في سورية والعراق هذه الفترة آل الفضل، ورئيسهم مهنا بن عيسى، وزميله أحمد بن عميرة، وهذه العشيرة كان لها نفوذ كبير، وهي من أفخاذ بني طي، وقد تملكت رحبة مالك بن طوق وما إليها، وربما تملكت الموصل، فقد روى المؤرخون أن أحمد بن عميرة ذهب إلى السلطان في تبريز، وطلب إليه أن يوليه على الموصل وما إليها فولاه إياها، وكان مهنا بن عيسى يلقب ملك العرب، وقد لعب دورا خطيرا لما وقعت الفتنة في العراق وسورية بين الملك الناصر وبين أمرائه في سورية قراسنقر المضوري وعز الدين الزردكاش وبلبان الدمشقي، فإن هؤلاء كانوا شقوا عصا الطاعة على الملك الناصر، وتركوا ولاياتهم في الشام، وذهبوا إلى مهنا بن عيسى طالبين إليه أن يعينهم بعشيرته، فوافقهم على ذلك وسار الجميع إلى ملك المغول خدابنده وأطمعوه في السيطرة على الديار الشامية والمصرية والقضاء على دولة المماليك، وأنهم سيساعدونه على الوصول إلى ذلك، فاقتنع بفكرتهم، وتوجه بنفسه على رأس جيش كبير إلى رحبة مالك، وكان ذلك في شعبان سنة 712ه.
ولما طال حصاره للمدينة، وتعذر عليه فتحها، ووقع المرض في جنده، وقلت المواد الغذائية عنده؛ اضطر إلى أن يرجع إلى بلاده بعد أن حاصرها شهرا. أما قراسنقر وعيسى بن مهنا وجماعتهم فقد اضطروا إلى أن يرجعوا معه إلى العراق، ولما وصلوا العراق أقطعهم بعض الولايات، فكان نصيب عيسى مدينة الحلة وما إليها، ثم إنه عاد إلى خدمة الملك الناصر بعد أن أخذ مواثيق، فأذن له في أن يستمر في إقطاعه ببلاد الشام وهو مدينة سرمين وما إليها من أعمال حلب، وهكذا استطاع أن يمتلك إقطاعين أحدهما في العراق والآخر في الشام، فأقام ولده سليمان نائبا عنه في مدينة الحلة، وأقام ولده الثاني موسى نائبا عنه في مدينة سرمين، وظل هو يتردد بين البلدين وينال الخلع والعطايا من الجانبين. وكان يحرك أولاده وعشيرته فيثورون إذا ما تأخر ملوك الشام أو العراق عن تقديم العطايا والمنح إليه، وكانت أعظم هذه الثورات الثورة التي قام بها ابنه سليمان في سنة 715ه/1315م، فقد أغار مع عشيرته في أواخر ذي الحجة من تلك السنة مع جماعات من المغول على القبائل العربية المرابطة في تدمر، وفتكوا بهم وخربوا بيوتهم وغنموا منهم مغانم كثيرة، ثم قفلوا إلى العراق، وقد شجعهم السلطان خدابنده كثيرا على ذلك، كما شجع عرب الحجاز على الثورة حينما قصد إليه أميرهم الشريف حميضة بن أبي نمي مستنصرا إياه على أخيه الشريف رميثة أمير مكة، وقد أرسل خدابنده مع حميضة حاكم البصرة مع عدد كبير من المغول وبني خفاجة للسيطرة على الحجاز وإقصاء رميثة التابع لنفوذ مماليك مصر، وقد وقعت بين الجانبين مواقع كثيرة، ولولا أن جاء الخبر بموت خدابنده لما قضي على هذه الفتنة.
ولما مات خدابنده في سنة 717ه/1317م، تولى الأمر من بعده ابنه بهادر خان وهو طفل لم يتجاوز العاشرة، فقام بالأمر جوبان وكان أميرا داهية ذا سيرة سيئة، سلك مسلك السلطان خدابنده وتمم مشاريعه. وفي سنة 718ه حضر إليه الأمير فضل بن عيسى بن مهنا، وقدم إليه تقدمة من الخيول العربية والهدايا النفيسة، فعهد إليه بإمارة البصرة وما حولها، واستمرت له إقطاعاته التي كانت بالشام، ويظهر أن سلطان مصر المملوكي قد أحس بالدور الخطير الذي يلعبه هؤلاء الأعراب، فأراد أن يسلط عليهم بعض العشائر البدوية، وعمل على إغراء بني عقيل عليهم، كما أثار أعراب الأحساء والقطيف ضدهم، ولقيت مدينة البصرة منهم جميعا ويلات ومحنا شدادا، حتى قيل إن بني عقيل أخذوا من بني مهنا ومن أهل البصرة ما يزيد على العشرة آلاف بعير.
3
ولولا أن فتنة وقعت بين أمراء المغول أنفسهم، لاستمر جوبان على إغرائه بين العرب. وتفصيل أمر هذه الفتنة أن أمراء المغول كرهوا انفراد جوبان بالأمر من دونهم، وخصوصا بعد أن وزع نيابة السلطنة في الممالك العراقية والإيرانية بين أولاده.
فلما رأوا ذلك عزموا على الثورة عليه، ووقعت الفتنة بين الجانبين، وقتل منهما قرابة ثلاثين ألفا،
4
حتى كاد أن يزول ملك المغول لولا أن جوبان أظهر براعة عظيمة فقضى على خصومه، واستتب له الأمر.
5
Shafi da ba'a sani ba