Zamanin Tashin Hankali: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Takwas)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
Nau'ikan
ثم طلب إلى أمين سره أن يتلو نص البرقية، فقرأ النص الآتي:
إن الهدف الذي ترمي إليه فرنسة وبريطانية العظمى بمواصلتهما في الشرق تلك الحرب التي أثارها الطمع الألماني، هو تحرير الشعوب التي طالما ظلمها الترك تحريرا نهائيا، وتأسيس حكومات ومصالح أهلية تبني سلطتها على اختيار الأهالي الوطنيين لها اختيارا لا جبرا، وقيامهم بذلك من تلقاء أنفسهم، وتنفيذا لهذه النيات قد وقع الاتفاق على تشجيع العمل لتأسيس حكومات ومصالح أهلية في سورية والعراق اللتين أتم الحلفاء تحريرهما، وفي البلاد التي يواصلون العمل على تحريرها، وعلى مساعدة هذه الهيئات والاعتراف بها عند تأسيسها فعلا.
والحلفاء بعيدون عن أن يرغموا سكان هذه الجهات قبول نظام معين من النظامات، وإنما همهم أن يحققوا معاونتهم ومساعدتهم النافعة ... وأن يقيموا لهم قضاء عادلا واحدا للجميع، وأن يسهلوا انتشار العلم في البلاد وتقدمها اقتصاديا، وذلك بتحريك همم الأهالي وتشجعيها، وأن يزيلوا الخلاف والتفرق الذي طالما استخدمته السياسة التركية.
وعلق الشريف على هذه البرقية بقوله: لا شك في أن هذه البرقية هي من النبذ التاريخية العظيمة، وأنها تنم عن شواعر عالية، وحسيات عالية، لا يقوم العرب بأداء واجب الشكر عليها إلا بتحقيق أماني هذه الدول، وهي تشكيل حكومة عادلة قوية تحفظ حقوق جميع أهل هذه البلاد.
أيها الإخوان: إننا اليوم في موقف حرج، فالأمم المتمدنة وحلفاؤنا ينظرون إلينا بنظر الإعجاب والتقدير، وأعداؤنا يرمقوننا بعين الانتقاد، ولقد خرج الأتراك من بلادنا ونحن الآن كالطفل الصغير، لا حكومة ولا جند، ولا معارف، والسواد الأعظم من الشعب لا يفقهون من الوطنية والحرية، ولا ما هو الاستقلال، حتى ولا ذرة من كل هذه الأمور؛ وذلك نتيجة ضغط الأتراك على عقول وأفكار العامة، فلذا يجب أن نفهم هؤلاء الناس قدر نعمة الاستقلال، ونسعى إن كنا أبناء أجدادنا لنشر لواء العلم؛ لأن الأمم لا تعيش إلا بالعلم والنظام والمساواة، وبذلك نحقق آمال حلفائنا.
وأحض إخواني العرب على اختلاف مذاهبهم بالتمسك بأهداب الوحدة والاتفاق، ونشر العلوم، وتشكيل حكومة نبيض بها وجوهنا؛ لأننا إذا فعلنا كما فعل الأتراك نخرج من البلاد كما خرجوا، لا سمح الله، وإن فعلنا ما يقضي به الواجب يسجل التاريخ أعمالنا بمداد الفخر.
إنني أقل الناس قدرا وأدناهم علما، لا مزية لي إلا الإخلاص. وإنني أكرر هنا ما قلته في جميع مواقفي بأن العرب هم عرب قبل موسى وعيسى ومحمد، وأن الديانات تأمر كلها باتباع الحق والأخوة، فمن يسعى لإيقاع شقاق بين المسلم والمسيحي والموسوي فما هو بعربي.
أيها الإخوان: أقسم لكم بشرفي وشرف عائلتي، وبكل مقدس ومحترم عندي، بأنه لا تأخذني في الحق لومة لائم، ولا أحجم عن مجازاة من يتجرأ على ذلك، فلا أعتبر الرجل رجلا إلا إذا كان خادما لهذه التربة.
وعندنا - والحمد لله - رجال أكفاء كثيرون، ولكنهم مقيمون خارج الديار وفي بلاد الأتراك، وسيأتون قريبا - إن شاء الله - فيصلحون الخلل الموجود هنا، ولا يجدر بنا أن نتقاعس عن العمل ريثما يأتون، فما لا يدرك كله لا يترك جله، وعلينا أن نبتدئ بدون أن ننظر للمرء من حيث شرف عائلته وخصوصيته، بل ننظر إلى الرجل الكفء، شريفا كان أو وضيعا؛ إذ لا شرف إلا بالعلم، والإنسان يخطئ فإذا ما أخطأت فسامحوني وبينوا لي مواطن خطئي.
وبما أن أغلب الأفراد يجهلون قدر نعمة الاستقلال - كما بينت لكم - فلا يبعد أن يحصل في بعض المحلات ما يخل بالأمن، فالحكومة مجبورة على تطبيق معاملاتها على القانون العسكري العرفي مدة الحرب، ريثما يتم تشكيل حكومة منتظمة.
Shafi da ba'a sani ba