Tarihin Maganin Al'ummomin Dā da Na Zamani
تاريخ الطب عند الأمم القديمة والحديثة
Nau'ikan
ووصف بعضهم تمثال أسقليبوس أبي الطب هذا، بل إلهه الذي كان يقام في هياكلهم، فقال: إنه بصورة رجل ملتح ذي جمة ذات ذوائب وهو قائم مشمر مجموع الثياب، وبيده عصا معوجة من نبات الخطمي قد التف عليها تنين أو حية ورأس الطبيب مكلل بالغار.
وفي تصويره هكذا رموز إلى صناعته الموحى إليه بها، فقيامه وتشميره رمز اجتهاد الأطباء، ووجوب استعدادهم لعملهم؛ لأن حفظ الحياة متوقف عليهم، وحمله العصا دليل التعمير وهو الغاية المقصودة من الطب، واعوجاج عصاه رمز التفنن في العلاج، وكونها من الخطمي دليل العقاقير التي يتداوى بها ومنها الخطمي،
3
والتفاف التنين أو الحية عليها دليل الحياة، ولا سيما أنهما يعمران كثيرا.
وكون التنين حيوانا حاد البصر كثير الأرق لا ينام هو تنبيه للطبيب أن يكون ساهرا على إتقان صناعته بصيرا بها؛ لأنه يعالج الداخل والخفي فيقتضيان حدة النظر، وأما الحية؛ فلأنها تمثل الحكمة بتيقظها ودهائها، أو لاتخاذ بعض علاجات السموم منها أو لتجدد الصحة بالعلاج كما يتجدد جلدها بقشر شرنقته عاما فعاما، وأما إكليل الغار على الرأس فرمز إلى أن الطبيب يجب أن يقصي الحزن عن المريض، كما كان يقصي الضرر المتأتي عن الحشرات والهوام بالغار؛ فلذلك كان هذا النبات رمز الفرح والانبساط وبالتالي الظفر.
وبقي أسقليبوس إلها للطب عصورا طويلة؛ فشيدت له الهياكل ونحتت له التماثيل في بلدان شاسعة حتى في بلادنا السورية، فإنني شاهدت رمزه في قرية دومة من أعمال البترون في لبنان فوق مدينة طرابلس الشام، حيث يوجد ناووس حجري عليه صورة الحية، وهو الآن ينبوع القرية تستقي منه الماشية، وفي أعلى القرية على رابية بديعة الموقع والمناخ هيكل كان لإله الطب، فحول إلى قلعة تسمى اليوم «قلعة الحصن»، وكذلك داجون إله الطب شاعت عبادته في سورية وفلسطين، وأقيمت له الهياكل ونصبت فيها التماثيل، وسميت قرى باسمه مثل «الدوق» في فلسطين، و«عين الدوق» من أحياء زحلة في شماليها الغربي.
واشتهر اليونانيون بترويض أجسادهم بالألعاب الأولمبية، وعقدوا لها الحفلات للمسابقات والتمرن وأعدوا لها الجوائز، فقويت أجسادهم وعقولهم وتوسع نطاق معارفهم، فاشتهروا في العالم بآدابهم، (للبحث صلة).
ولكي نستطيع استقراء الطب ومعرفة ارتقائه، وانحطاطه عند اليونانيين، نقسمه إلى أربعة أدوار بحسب اشتهاره وأزمانه، مستنتجين أن الأطباء عندهم كانوا ثلاث مراتب هي: الكهنة والفلاسفة والمتروضون؛ فالأولون طببوا بمبادئ أسقليبوس في هيكله، والفلاسفة وقفوا بين شرائع الطبيعة وأسرار الجسد، والمتروضون دبروا الصحة وعالجوا الخلع والكسر وأشباههما.
الدور الأول:
الطب في أيام هوميروس أبي الشعراء = من طالع إلياذة هوميروس - وهي ملحمته الطويلة التي وصف بها حرب تروادة الشهيرة - عرف أن الطب كان في ذلك العهد قسمين: (أحدهما) الطب الداخلي أو الباطني، و(الثاني) الجراحة، ورأى في أثناء كلامه وصف بعض ذرائع قانونية في العلاجات، ولا سيما في شفاء الجروح، مثل سبر الجرح بمسبار ليعرف غوره، وامتصاص الدم منه بالفم وذر البلاسم عليه للشفاء، وذكر أسماء أعضاء في الأجسام، فهي أشبه بما استعمله أبقراط بعد ذلك، ولكنه لم يشر إلى تسلط الدين على الطب كما كان في مصر والهند وفارس.
Shafi da ba'a sani ba