214

Tarihin Fassara da Motsin Al'adu a Zamani Muhammad Ali

تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي

Nau'ikan

كانت الحكومات التي حكمت الأمم في الأزمان الغابرة، إحدى اثنتين: إما جمهوريات عادلة وإما ملكيات معتدلة، وللملكية نوعان: نوع تحكمه أسرة واحدة عريقة في القدم يرث أفرادها الملك، الواحد بعد الآخر، ونوع حديث التأسيس، وملوكه حديثو العهد بالسلطان؛ ولذلك النوع الأخير صنفان: صنف تكون الممالك فيه حديثة بالكلية كما كانت إمارة «ميلانو» في عهد «فرنشسكو سفورزا»، وصنف يضمه الأمير إلى ما ورثه عن آبائه وأجداده بحق الفتح، مثل إمارة «نابولي» التي ضمها ملك إسبانيا إلى أملاكه.

على أن بعض الممالك التي تقهر ويغلب أهلها على أمرهم، يكون قبل الفتح متعودا حكم أمير من الأمراء، ويكون بعضها حرا مستقلا ووقوع تلك الإمارات في أيدي الفاتح يحدث إما بقوة الحرب، وإما عفوا صفوا.

والقارئ لترجمة رفاييل يستطيع أن يدرك لأول وهلة ما تمتاز به من ركاكة، بل عجمة في الأسلوب؛ والسبب في ذلك كما يتضح من مقارنتها بالأصل أنه تقيد بالمبدأ الأول من المبادئ العامة للترجمة في ذلك العصر، وهو التقيد التام بالأصل؛ فرفاييل في ترجمته لم يفعل أكثر من حذف كل لفظ إيطالي، ووضع لفظ عربي مكانه، وحتى الألفاظ العربية لم يحسن تخيرها؛ فالأمارات عنده «أميريات»، وجديدة أو حديثة عنده «مستجدة» إلخ، ثم هو لم يراع بتاتا أن لكل لغة مميزاتها الخاصة في وضع الألفاظ، وتركيب الجمل وعلاقة كل لفظ بالآخر، وكل جملة بالتي تليها، حتى تتصل المعاني وتنسجم، بل وضع الألفاظ العربية موضع الألفاظ الإيطالية تماما ، فخرجت الترجمة - مع ركاكتها وعاميتها - غامضة غير واضحة ولا مفهومة،

11

وإني لأعتقد أن القارئ لا يستطيع - إن لم يكن تحت يده النص الأصلي أو الترجمة الحديثة - أن يفهم شيئا ما من ترجمة رفاييل، وأنا لا أبالغ في الحكم، فهذه قطعة أخرى من كتاب ترجمة رفاييل، وهو كتاب «قانون الصباغة» تأليف «ماكير» رأيت أن أنقلها وحدها دون ذكر للنص الفرنسي: «إن الحرير حال خروجه من على الشرنق له خشونة ويبوسة صادرة أم صادرتان له عن نوع صموغية حامية مغشاة به ذاتا، ثم وكذلك له لون محمر بصفار، وعلى حسب الاعتيادي غامق جدا أيضا، وهذا نقوله قلما يكون (كذا) حرير بلادنا، هذه ربما كله فخشونة الحرير هذه لا توافق قط مطلقا لأغلب أصناف الأقمشة المتجهز لنسجها، ثم وموافقة لونه الذاتي لا تفيد الألوان ربما جميعها تلك المقصود أخذها منه.»

12

فهل يستطيع القارئ أن يفهم شيئا من هذا الكلام؟ ثم ما هذه التعابير الأعجمية العجيبة: «من على الشرنق»، و«غامق جدا أيضا وهذا»، و«لا توفق قط مطلقا» إلخ ... إلخ.

ولكن لا يظنن أحد أن كل ما ترجم المترجمون السوريون كان بهذه التفاهة والركاكة والغموض، فإن الكتب التي ترجمها عنحوري وفيدال وسكاكيني فيما بعد تختلف كل الاختلاف عما ترجمه رفاييل، والسبب في هذا الاختلاف واضح؛ وذلك أن رفاييل كان أول من عهد إليه بالترجمة من السوريين، وقد ترك وشأنه أثناء الترجمة، فلما ألحق المترجمون الآخرون بمدرسة الطب رأى القائمون بالأمر أن يتفادوا هذه العيوب، فوضعوا التقليد الصالح الذي ذكرناه من قبل وهو تعيين جماعة من شيوخ الأزهر لمراجعة وتصحيح وتحرير ما يترجم المترجمون السوريون.

فإذا كنا لم نفهم شيئا مما نقلناه عن ترجمات رفاييل، وإذا كنا نستطيع أن نفهم الكثير مما ترجم خلفه من المترجمين السوريين، بل ومن المترجمين المصريين، فيجب أن نعترف بالفضل لأولئك المشايخ المصححين.

المثال الثاني:

Shafi da ba'a sani ba