Tarihin Fassarar a Masar a Lokacin Yakin Faransa
تاريخ الترجمة في مصر في عهد الحملة الفرنسية
Nau'ikan
كان السوريون أكثر شعوب الشرق الأدنى اتصالا واختلاطا بشعوب أوروبا المطلة على البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى، ففي ربوع بلادهم كانت ميادين الحروب الصليبية، وفي شواطئ سوريا قامت الإمارات اللاتينية، وعاش أخلاط من هذه الشعوب اللاتينية، وانتهت الحروب الصليبية ولكنها خلفت في الشام طائفة من المسيحيين تدين بالمذهب الكاثوليكي، وتعترف بالولاء لزعيم الكاثوليك ورئيسهم «البابا» المقيم في روما؛ ولذلك ظلت رحلة البطارقة والمطارنة والقساوسة السوريين دائمة إلى «روما» لزيارة مقر البابوية، ولتلقي العلوم الدينية في مدارس «روما» الدينية، وكثر - تبعا لهذا - العارفون باللغتين الفرنسية والإيطالية بين كاثوليك سوريا.
وفي القرنين السابع والثامن عشر اضطربت أمور الحكم العثماني، وزاد طغيان الباشوات الأتراك في الشام، ونال الطوائف المسيحية شيء من الاضطهاد، «ولما ساعد فخر الدين المعني أمير لبنان الشهير المرسلين الإفرنج الكاثوليكيين على النزول في سوريا ولبنان وفلسطين، لجأ فريق من السوريين المسيحيين إلى قناصل الإفرنج، وتمذهبوا بمذهبهم طمعا في حماية دولهم، والفوز بشيء من المساعدة المادية، فثار عليهم رؤساء الأرثوذكس اليونانيون، وأخذوا يزرعون البغضاء والتعصب الديني في قلوب إخوانهم السوريين الأرثوذكس، ويلجئون إلى البطريرك القسطنطيني ليستصدروا الأوامر في اضطهاد الكاثوليك ... فانتهز الحكام العثمانيون هذه الفرصة الثمينة ليضطهدوا المسيحيين من المذهبين الكاثوليكي والأرثوذكسي ... فأخذوا ينزحون إلى القطر المصري في أوائل القرن الثامن عشر. وزادت مهاجرتهم بعد اضطهاد سنة 1725 الشهير، وكان أغلبهم من دمشق الشام، فلقبوا بالشوام، وعم هذا اللقب كل السوريين المهاجرين إلى مصر.»
30
ولجأ هؤلاء «الشوام» إلى القاهرة أولا، ودمياط ثانيا، والإسكندرية ثالثا، وهي المدن المصرية الكبرى ذات الصدارة حينذاك في التجارة والصناعة، واستغلوا في هذه المدن نشاطهم التجاري والصناعي الممتاز، فسرعان ما أثروا، وكونوا ثروات وجاليات كبيرة لها شأن في تاريخ مصر الاقتصادي وقتذاك، ووصلت أخبار هذا النجاح إلى إخوانهم في سوريا ولبنان فتوالت الهجرات وتتابعت؛ ولهذا يرجع الأب قسطنطين الباشا هجرة مسيحيي الشام إلى مصر إلى سببين: «قوة الجذب وقوة الدفع؛ إذ كانت أخبار نجاح من تقدم منهم إلى هذا القطر تجذب سواهم، وكان الاضطهاد الديني الذي كان يجري في مدن الشام يدفعهم بقوة إلى هذا القطر.»
31
وكانت موانئ إيطاليا التجارية، وخاصة البندقية وجنوة وليفورنو، تضم منذ القرن الخامس عشر جاليات شرقية كبيرة، وإذ كانت موانئ مصر الشمالية على اتصال تجاري دائم بموانئ إيطاليا فقد تجددت رحلة السوريين من مصر إلى موانئ إيطاليا للتجارة أحيانا، وهربا من اضطهاد المماليك أحيانا أخرى.
32
وقد بلغ من ازدياد نفوذ هؤلاء المهاجرين المالي والاقتصادي أن طغوا على طائفتي اليهود والأقباط اللتين كان لهما احتكار الوظائف المالية في مصر منذ عهد طويل، ففي سنة 1182ه / 1768-1869م «قبض علي بك الكبير على المعلم إسحاق اليهودي معلم الديوان ببولاق وضربه حتى مات.»
33
ثم أعطي التزام هذا الديوان للمعلم ميخائيل فرحات السوري، وأصبح هذا الالتزام المالي الهام وقفا على مسيحيي السوريين منذ ذلك الحين، فقد حل المعلم ميخائيل الجمل بعد قليل محل ميخائيل فرحات، ولكن علي بك الكبير سرعان ما غضب على الجمل فعزله، وأعطى الديوان للمعلم يوسف البيطار الحلبي، فاستغاث الجمل بصديقه المعلم إبراهيم الصباغ مستشار ظاهر العمر أمير عكا، وحليف علي بك، فأجاب رجاءه، وسعى لدى علي بك حتى أعيد الديوان للجمل والبيطار معا، وفي سنة 1188 / 1774م توفي، فأعطي التزام الديوان للمعلم «أنطون فرعون قسيس»
Shafi da ba'a sani ba