ما يوافق الحق، إلا الجاهل الذي يحكم برأيه. وأما الفاسق، ففيه خلاف بين أصحابنا؛ هل يرد ما حكم به، وإن وافق الحق وهو الصحيح، أم يمضي إذا وافق الحق ووجه الحكم. وشروط الكمال عشرة أيضا: خمسة أوصاف ينتفي عنها، وخمسة لا ينتفي؛ منها أن يكون غير محدود؛ وغير مطعون عليه في نسبه بولادة اللعان والزنا؛ وغير فقير؛ وغير أمي؛ وغير مستضعف؛ وأن يكون فطنا، نزيها، مهيبا، حليما، مستشيرا لأهل العلم والرأي. قال القاضي أبو الأصبغ بن سهل: وللحكام الذين تجري على أيديهم الأحكام ست خطط: أولها القضاء، وأجله قضاء قاضي الجماعة؛ والشرطة الوسطى؛ والشرطة الصغرى؛ وصاحب مظالم؛ وصاحب رد، ويسمى صاحب رد بما رد عليه من الأحكام؛ وصاحب مدينة؛ وصاحب سوق. هكذا نص عليه بعض المتأخرين من أهل قرطبة، في تأليف له. وتلخيصه: القضاء، والشرطة، والمظالم، والرد، والمدينة، والسوق. وإنما كان يحكم صاحب الرد فيما استرابه الحكام، وردوه عن أنفسهم؛ هكذا سمعته من بعض من أدركته. وصاحب السوق كان يعرف بصاحب الحسبة، لأن أكثر نظره إنما كان يجري في الأسواق، من غش ، وخديعة، وتفقد مكيال وميزان وشبه ذلك. ولا عجب للقاضي أن يرفع من عنده إلى غيره، كما يرفع غيره إليه. وحدود القضاة، في القديم والحديث، معروفة، لا يعارضون فيها، ولا تكون إلى غيرهم من الحكام. وقد عددها علي بن يحيى، وفسرها في كتابه؛ فقال: ويشتمل نظر القاضي على عشرة أحكام: أحدها: قطع التشاجر والخصام من المتنازعين، إما بصلح عن تراض يراد به الجواز، وأما بإجبار بحكم بآية يعتبر فيه الوجوب. والثاني: استيفاء الحق لمن طلبه، وتوصيله إلى يده، إما بإقرار، أو ببينة. والثالث: إلزام الولاية للسفهاء والمجانين، والتحجر على المفلس، حفظا للأموال. والرابع: النظر في الاحباس، والوقوف والتفقد لأحوالها وأحوال الناظر فيها. والخامس: تنفيذ الوصايا على شروط الموصى إذا وافقت الشرع؛ ففي المعينين يكون التنفيذ بالاقباض، وفي المجهولين يتعين المستحق لها بالاجتهاد فإن كان لها وصى، راعاه، وإلا تولاه. والسادس: تزوج
Shafi 5