ولما وصل مصر، وبنيته المغرب، وصفت له بلاده، فزهد فيها، وقد كان خاطب فقهاء القيروان ورام القدوم على الأندلس، وكتب أيضا في ذلك إلى مجاهد الموفق صاحب دانية؛ فعاجلته منيته. وتوفي بمصر في شعبان سنة 422، وقد جاز المعترك. وحكى أنه لما أحس الموت، وهو بمصر، إثر ما اتسعت حاله، قال: لا إله إلا الله {لما عشنا متنا} غفر الله لنا وله ورحمنا وإياه {
ذكر القاضي مهدي بن مسلم
ومن أقادم القضاة بالأندلس، قبل توطد الدولة المروانية بها، مهدي بن مسلم؛ استقضاه على قرطبة عقبة بن الحجاج، واستخلفه عليها، وأمره بالقضاء بين أهلها وكان من أهل العلم والورع والدين المتين. وقبره عند المصريين. ولما أراد عقبة توليته، قال له: اكتب عهدك لنفسك} فكتبه بخط يده. قال ابن الحارث: وإنه اليوم لأصل من الأصول للعهد في القضاء.
ذكر القاضي عنترة بن فلاح
ومنهم عنترة بن فلاح. حدث عنه الشأميون، ووصفوا فضله. وكان تقيا، ورعا؛ استسقى يوما بالناس على ما حكاه ابن زرعة؛ فأحسن في قيامه في الخطبة، وخشع الناس بوعظه وتذكيره، وحركهم بدعائه وابتهاله. فلما فرغ، قام إليه رجل من عامة الناس؛ فقال له: أيها القاضي الواعظ {قد حسن عندنا ظاهرك؛ فحسن الله باطنك} فقال: اللهم آمين ولنا أجمعين {فهل أضمرت؛ يا ابن أخي، شيئا؟ فقال له: نعم يا قاضي} بتفريغ أهرائك، يتم فضل استسقائك {فقال: عمري} لقد نصحتني وإني أشهد الله أن جميع ما حواه ملكي من الطعام صدقة لوجه الله الكريم! ثم أقسم أن لا يضع مقامه حتى يرسل إلى داره؛ فيفرق جميع ما ادخره. قال: فغيث الناس من يومهم غيثا عاما.
Shafi 42