في بليتي.، وكنت أيام تلك المحنة. ولما تاب الأمير وتخلى عن الملك وتوجه للجهاد، أتاه عيسى بن مسكين؛ فقال له: إن الله عافاك مما كنت فيه. فشاركني في الخروج عما أدخلتني فيه؛ فقد كبر سني، وضعف بدني. وعلى الأثر وقع انفصاله. وكانت ولايته ثمانية أعوام ونصف عام.
ذكر القاضي ابن سماك الهمذاني
وولى من أصحاب سحنون القضاء بإفريقية أبو القاسم حماس بن مروان بن سماك الهمذاني الفقيه الزاهد. وكان من زهده وتواضعه يفتح القناة بنفسه، على ما حكاه عياض وغيره، ويكسر الحطب على باب داره، والناس حوله يختصمون إليه ويسألونه. وكان يلبس الصوف الخيش. ولم يركب دابة في البلد، أيام ولايته؛ فإذا خرج إلى منزله بالبادية على حمار، يشتد دون خف، يتقوت مما يأتيه من ماله؛ ولم يأخذ على القضاء أجرا.
ذكر القاضي إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي
ومن أيمة الفقه على مذهب مالك بن أنس، ومشيخة الحديث، وأعلام القضاة، إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي. قال الفرغاني التأريخي: لا نعلم أحدا من أهل الدنيا بلغ مبلغ آل حماد بن زيد، ولم يصل أحد من القضاة إلى ما وصلوا إليه من اتخاذ المنازل، والضياع، والكسوة، والآلة، ونفاذ الأمر في جميع الآفاق. ومن كتاب تقريب المسالك، بمعرفة أعلام مذهب مالك، وقد ذكرهم فيه، فقال: كانت هذه البيت، على كثرة رجالها، وشهرة أعلامها، من أجل بيوت العلم بالعراق، وأرفع مراتب السودد في الدين والدنيا؛ وهم نشروا هذا المذهب هناك، وعنهم اقتبس وتردد العلم في طبقاتهم وبيتهم نحو ثلاثمائة عام، من زمان جدهم الإمام محمد بن زيد وأخيه سعيد. ولما ولى عبد الله بن سليمان الوزارة للمعتضد، وكان سيء الرهن فيهم لما أراد الإيقاع بهم وأعمال الحيلة، فلم يقدر على ذلك إلى أن مات إسماعيل بن إسحاق؛ ففتح الباب لعبد الله في ذلك؛ فقال: يا أمير المؤمنين! بنو حماد مشاغيل بخدمة
Shafi 32