اقبضني إليك {قال ابن الأبار في تكملته، وقد ذكره: فتوفي في ليلته ودفن في الغد. وكان رجلا صالحا. ورعا، مجاب الدعوة. وكانت بيعة مروان في صفر سنة 540. وذكر يحيى بن إسحاق أن هشاما، لما ولي، قيل له: لا يتعدل ما تريد إلا بولاية زياد بن عبد الرحمن على القضاء} فبعث إليه؛ فتمنع؛ فألح عليه هشام، وأحضر الوزراء؛ وكلموه في ذلك عن الأمير وعرفوه عزمه. فقال لهم: أما إذ عزمتم، وأكرهتموني على القضاء، فأخبركم ما أبدأ به على المشي إلى مكة. إن وليتموني، وجاءني أحد متظلما منكم، إلا أخرجت من أيديكم ما يدعيه، ورددته عليه، وكلفتكم البينة لما أعرف من ظلمكم {فلما سمعوا ذلك، عرفوا صدقه؛ فعلموا عند الأمير في معافاته. فقيل ليحيى بن يحيى: أهو وجه القضاء؟ قال: نعم} فيمن عرف بالظلم والقدرة!
فصل
هذه المسألة، التي هي إخراج ما يدعيه الطالب من يد المطلوب الموسوم بالظلم، وقع من أمثالها في أمهات الكتب نظائر؛ منها في العتبية قال في سماع يحيى: قلت: فقوم عرفوا بالغصب لأموال الناس من ذوي الاستطالة بالسلطان؛ ثم جاء الله بوال أنصف منهم وأعدى عليهم؛ فلا يجد الرجل من يشهد على معاينة الغصب ، ويجد من يشهد على حق أنهم يعرفونه ملك المدعي، ثم رأوه بيد هذا الظالم، لا يدرون بماذا صار إليه إلا أن الطالب كان يشكو إليهم ذلك، أو لا يشكوه. قال: إذا كان من أهل القهرة والتعدي ومن يقدر على ذلك، والبينة عادلة، فذلك يوجب للمدعي أخذ حقه منه، إلا أن يأت الظالم ببينة عادلة على شراء صحيح، أو علمية لمن كان يأمن ظلمه، أو يأت بوجه حق ينظر له فيه. قال: فإن جاء ببينة عادلة على شرائه، وزعم البائع أن ذلك البيع عن فوق من سطوته، وهو لا يقدر عليه؛ قال: يفسخ البيع إن ثبت أنه من أهل الظلم والاستطالة. قال: وإن زعم البائع أنه باع وقبض منه الثمن ظاهرا، ثم دس إليه سراق، أخذه منه. ولو لم يفعل له ذلك لقي منه شرا قال: لا يقبل منه هذا؛ وعليه دفع الثمن إليه، بعد أن يحلف الظالم أنه ما ارتجعه، ولا أخذه منه بعد أن دفعه إليه. قال ابن رشد: أما ما ذكره من أن الظالم، المعروف بالغضب لأموال الناس والقهرة لهم عليهم، لا ينتفع بحيازته مال الرجل في وجهه، ولا يصدق من أجلها على ما يدعيه من
Shafi 17