Tarihin Fashin Jirgin Ruwa a Duniya
تاريخ القرصنة في العالم
Nau'ikan
على الرغم من أن الفارق الزمني بين سقوط غرناطة وحادثة اغتصاب سفينتي البابا لم يزد عن اثني عشر عاما، فإن سفن القراصنة أصبحت تشكل تهديدا أكثر لشواطئ إيطاليا، وعندما يصل الأمر إلى هذا الحد - أي عندما يصبح البابا نفسه واحدا من ضحايا القراصنة - فلا بد أن يتردد صداه إلى أوسع حد ممكن، ولقد أصبح معروفا على الفور من الذي دبر هذا الهجوم الجسور.
كان قائد القراصنة يونانيا من جزيرة ميتيلين، وعندما استولى القراصنة على تلك الجزيرة دخل الإسلام مقتفيا أثر والده، وحمل اسم «عروج»، وانضم منذ باكورة صباه إلى القراصنة الأتراك، حتى إذا بلغ عشرين سنة من عمره تميز بالجرأة والقسوة في المعارك التي خاض غمارها في بحر إيجه. وفي أحد الاشتباكات البحرية وقع عروج في أسر المسيحيين، وأرسل إلى جزيرة رودوس، حيث تمكن هناك من الفرار، وبعد اختفائه القصير عاد ليواصل نشاطه باعتباره قرصانا تركيا، غير أنه سرعان ما ضاق ذرعا بالخدمة لدى السلطان، فأعلن تمرده على السفينة، وشرع في احتراف القرصنة على مسئوليته وبمخاطرة شخصية منه، على أن عروج الحصيف كان يدرك أنه لن يستطيع مواصلة نشاطه من دون عقاب إذا لم يجد لنفسه نقطة ارتكاز على اليابسة. ومن ثم فقد توجه إلى أمير تونس برجاء أن يقدم له الأخير قاعدة مناسبة فوق أراضي شمال أفريقيا مقابل عشرين بالمائة من الغنائم، وافق الأمير على هذا الطلب بكل ترحاب مقدما للقراصنة جزيرة جربة الصغيرة.
بفضل العون الذي قدمه أمير تونس، وكذلك دعم أخيه خير الدين له، قام عروج باستكمال بناء أسطوله، ومنذ ذلك الحين لم يقف عروج عند حد الإغارة على السفن في عرض البحر، وإنما تعداه مستعينا بالجنود المغاربة الذين كانوا يدافعون فيما مضى عن غرناطة بمهاجمة الموانئ الأوروبية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، وخاصة الموانئ الإسبانية.
قام الملك الأراجوني فرديناند - باعتباره مدافعا عن مصالح الدين المسيحي بأسره - بعدد من الحملات الناجحة ضد القراصنة البربر، واستطاع أن يستولي على نقاط ارتكازهم في وهران، وبوجي، والجزائر، ثم قام بإحراق هذه المدن عن آخرها، وفرض على أهلها إتاوة كبيرة، حتى يثبط عزائمهم في مد يد العون للصوص البحر. في الوقت نفسه قام فرديناند ببناء قلعة حصينة فوق جزيرة بنيون للدفاع عن مشارق مدينة الجزائر، في الوقت نفسه كان عروج في تونس يتربص في هدوء تام اللحظة المناسبة ليرد الضربة، بعد أن وعد الأمير في احتفال كبير بطرد الإسبان من أراضي شمال أفريقيا.
كان معروفا آنذاك للمسيحيين باسم بارباروسا أو «ذو اللحية الحمراء» للون لحيته المميز، على أن سمعته كقرصان لا يقهر كانت قد تمرغت في الوحل؛ بسبب الانتصارات التي أحرزها الإسبان وسقوط مدينة الجزائر. كان لانهيار هذه الهيبة أثرها في إخراج عروج عن توازنه، وحتى يصحح من وضعه لجأ إلى اتخاذ عدد من الخطوات من غير دراسة جيدة، مثل قيامه بهجوم جريء من البر والبحر ضد بوجي، والإغارة على الأسطول الإسباني، لكن كل هذه العمليات باءت بالفشل المخزي.
مرة أخرى تدفع الهزائم المتكررة بعروج لأن يغير من خططه، فبعد أن غادر تونس - التي لم يكن يستشعر فيها الأمان - استقر في جزيرة جيجيلي، التي كان قد استولى عليها في فترة ما من أهالي جنوه، ثم قرر - مؤقتا - تجاهل وجود الإسبان في شمال أفريقيا، وتكثيف نشاطه في نهب السفن في عرض البحر. وقد جلب عليه ذلك غنائم خرافية، حتى إن النتائج المشجعة التي أحرزها، قد زادت من عدد القراصنة العاملين تحت إمرته.
استغل أهالي الجزائر الفتن الدائرة في إسبانيا؛ بسبب وفاة الملك فرديناند في عام 1516م، فقاموا بالتمرد برئاسة سالم التومي، وهو عربي من سكان مدينة بليدا، كما أنه هو بالتحديد الذي طلب العون من بارباروسا وقراصنته. قرر عروج أن ساعة الانتقام قد حانت، فتحالف مع سالم وقام معه بالهجوم على الجزائر برا وبحرا، احتل القراصنة المدينة. أما الإسبان فقد تراجعوا للقلعة الموجودة في جزيرة بنيون، حيث استمروا يدافعون عنها دفاعا بطوليا دام ثلاثة عشر عاما بعد ذلك!
على إثر النصر الذي حققه عروج، ازدادت رغبته اشتعالا لأعمال أخرى، فتوجه إلى القصر الذي ينزل به الأمير الجديد للجزائر - سالم التومي - فوجده في موعد استحمامه، لكن الأبواب جميعا كانت مفتوحة أمام القرصان قاهر الإسبان، فإذا به يشق طريقه قدما إلى حمام القصر، حيث كان الأمير يستحم في مسبح غير كبير، وهناك دار الحديث بينهما على النحو التالي: - سالم! يجب أن أتحدث إليك فورا على انفراد.
سالم القادم إليه محملقا في دهشة بقوله: بارك الله فيك، ولكن ما هذا الخطب الجلل الذي أتى بك هكذا بغتة؟! - يجب أن أراك يا سالم.
ما أنهى عروج هذه الكلمات حتى جذب المستحم من شعره مخرجا إياه من الماء!
Shafi da ba'a sani ba