Tarihin Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Nau'ikan
إن الملكية والأريستوقراطية الأوروبيتين، اللتين أذلتا في شخص إمبراطوري ألمانيا وروسيا، ملكهما الغم الشديد والانكسار الفظيع ساعة تناهى إليهما أن العصبة الجديدة قد صادفت في أوسترلتز الأمة نفسها التي صادفتها في زوريخ ومارنغو. ويظهر أن الحكمة العلياء أرادت أن تدبر تقاربا في العهود فعينت بنفسها، لعيد ذكرى التتويج، أول انتصار جازم للإمبراطور نابوليون، كأنما أرادت بذلك أن تثبت للعالم أن جنود الإمبراطورية إنما هم يكملون بجدارة واستحقاق واجب الجحافل الجمهورية، وأن أبهات الحكم المطلق لم تظمئ عقلية الشعب والجيش أكثر مما أظمأتها روح القائد الكبير، وأن الثورة الفرنسية التي لن تغلب ما زالت تسود في فرنسا. إلا أن هذه النكبة، التي لم تصب إلا روسيا والنمسا ولكنها أثرت في برلين ولوندن تأثيرا شديدا، لم تؤدب محركي الحرب.
بقي ديوان سن جمس مستمرا في خططه العدائية ضد فرنسا بالرغم من انكسار حلفائه انكسارا تاما. ولقد جاءت عاقبة موقعة ترافالغار تمنحه تعويضا عظيما؛ إذ إن المراكب الفرنسية والإسبانية المتحالفة قد أتلفها نلسون على شواطئ إسبانيا الجنوبية، على أنه دفع حياته ثمنا لهذا الفوز الإنكليزي الجازم. تناهى هذا النبأ إلى نابوليون، وهو في وسط انتصاراته السريعة الباخرة على النمسويين والروس، فقال: «لقد صرفت معظم وقتي في البحث عن رجل النوتية من غير أن أوفق إلى وجوده. إن في هذه الحرفة خاصية ووضعية تقفان بي موقف الضائع ... لو اتفق لي أن وجدت ذلك الرجل فأية نتيجة كانت أفلتت منا؟ ولكن ملكي لم يوفر لي رجلا تمكن من ناصية النوتية فخلق فيها شيئا جديدا.»
إن إتلاف الأسطول الفرنسي أحزن الإمبراطور حزنا شديدا؛ إذ إنه أراه السلطان البحري راسخا في يد الإنكليز. ولكن لنعد الآن إلى أوسترلتز. في اليوم التالي لهذه المعركة قدم الأمير جان ده ليكتنستن، قائد الجيش النمسوي في مورافي، إلى معسكر الإمبراطور نابوليون. جاء يتوسل إليه بأن يسمح بمقابلة لسيده، الذي كان بحاجة إلى كرم المنتصر وإنصافه؛ لينقذ تاجه وولاياته من تطبيق حقوق الفتح، فمنحه نابوليون ما أراد، وجرت المقابلة التي رغب فيها الأمير المغلوب، في اليوم نفسه، في مقر البطل المنتصر.
عندما دخل الإمبراطور فرنسوا على نابوليون في كوخه قال له هذا: «إنني أستقبلك في القصر الوحيد الذي أسكنه منذ شهرين.» فأجابه الإمبراطور بتبسمة مغلوبة: «إنك لتستفيد جدا من سكنك هذا، وإنه ليحلو لك.» وما هي إلا بضع ساعات حتى اتفق على هدنة وأجلت شروط الصلح. نزل إمبراطور ألمانيا عند الظروف فأخذ يلطف غضب القاهر على الإنكليز، فقال له بتكلف: «إنهم لتجار، يضعون البر في بركان من النار ليضمنوا لهم تجارة العالم.» ثم تكلم باسم إمبراطور روسيا فقال: «إنه ينفصل عن إنكلترا ويرغب في عقد الصلح على حدة.» ثم استطرد قائلا: «إن فرنسا لمحقة في خصامها مع إنكلترا.» فرنسا محقة! أليس من الغرابة أن يرى الأمراء، الذين هيجوا ضد فرنسا كتائب من الجند لا تحصى، يعترفون بحق أعدائهم ويضعون المسئولية على كاهل حلفائهم؟ أليس من الفظاعة أيضا أن لا يأتي هذا الاعتراف الفجائي إلا بعد عشرين موقعة تدفقت فيها دماء البشر كالسيل الجارف؟
لم يسئ نابوليون التصرف بالتفوق الذي أنالته إياه حوادث الأمس، بل وعد أن يوقف زحف كتائبه ويترك الجيش الروسي في سبيله، بشرط أن يتعهد إسكندر بالعودة إلى ولاياته ويتخلى عن بولونيا النمسوية والروسية، فوعده الإمبراطور فرنسوا بذلك باسم إسكندر وانصرف، يتبعه الأميران ده ليكتنستن وده شوارتزنبرج، فشيعه نابوليون حتى مركبته وعاد ينام في أوسترلتز. قال نابوليون وهو عائد من تشييع الإمبراطور: «لقد أجبرني هذا الرجل على اقتراف هفوة؛ إذ كنت أستطيع أن أتابع انتصاري فأستولي على الجيش الروسي والنمسوي بأجمعه، ولكن لا بأس، فقد وفرت بذلك بعض قطرات من الدموع.»
كان نابوليون قد خاطب جنوده قبل المعركة ليضرم فيهم الحماس ويتنبأ لهم عن النصر، ولم ينس أن يخاطبهم أيضا بعد المعركة ليهنئهم بالبسالة النبيلة التي أظهروها في تحقيق نبوءته، قال: «أيها الجنود، إنني لمسرور بكم! لقد حققتم في يوم أوسترلتز كل ما توقعته من بسالتكم. لقد زينتم نسوركم بمجد خالد ... وإني لأحملكم إلى فرنسا عندما يتم لنا كل ما هو ضروري لسعادة الوطن ونجاحه. أيها الجنود، سيراكم شعبي بفرح عظيم، ويكفيكم أن تقولوا إذ ذاك: كنت في موقعة أوسترلتز؛ ليجيبكم السامع: هو ذا بطل.»
كان الجنرال سافاري، معاون نابوليون، قد رافق إمبراطور ألمانيا ليعلم هل يرضى إسكندر بالعهود التي اتخذت باسمه؟ أما القيصر فبادر إلى تأييد الوعد الذي أعطاه حليفه العظيم، ثم قال للمرسل الفرنسي: «لقد كنتم دوني عددا إلا أنكم فقتموني في جميع خطط القتال.» فأجابه سافاري: «هذا فن الحرب وثمرة خمس عشرة سنة من المجد، هي الموقعة الأربعون التي يشهرها الإمبراطور.» فقال القيصر: «صحيح، إنه لرجل حرب عظيم، أما أنا فهي المرة الأولى التي أرى فيها النار، ثم إني لم أحدث نفسي قط بمضارعته. لقد جئت لنجدة إمبراطور ألمانيا وها أنذا عائد إلى عاصمتي.»
وقعت الهدنة المتفق عليها بين نابوليون وإمبراطور ألمانيا في السادس من شهر كانون الأول، ووقعت بإمضاء المرشال برتيه والأمير ده ليكتنستن. إن توقيف العداوات هذا أتبع بأمرين، قضى الأول بمنح مرتبات تصرف لأرامل الجنود الذين قتلوا في أوسترلتز وأولادهم، وقضى الثاني بتذويب المدافع الروسية والنمسوية التي غنمت في ساحة القتال لينصب بها في ساحة فاندوم عمود نصر تخليدا لمجد الجيش الفرنسي. وأصدر الإمبراطور أمرا ثالثا يقضي، أولا بأن يثقف أولاد القوات والضباط والجنود الذين ماتوا في موقعة أوسترلتز على نفقة الدولة، وثانيا بأن يجمع اسم نابوليون إلى أسمائهم المعطاة لهم عند عمادهم.
نقل المعسكر العام من أوسترلتز إلى برون
3
Shafi da ba'a sani ba