وبينا هو في الصبيحية كتب إليه الوكيل السياسي لبريطانية العظمى في الكويت يستأذن بالمقابلة، فضرب له موعدا في ملح، واجتمع به هناك. جاء الوكيل في السيارة وجاء سائقها بكتاب من مبارك يقول: «كن صلبا معه يا ولدي (أي مع الوكيل) فلا تمكنه من شيء ولا تعطه الجواب الشافي.»
لم ير «الولد» بأسا في مجاملة «والده» هذه المرة؛ لأنه لم يكن قد قرر خطته السياسية تجاه الترك والإنكليز، فقال للوكيل: «لا يمكن أن نقرر شيئا اليوم، ولكن والدي مبارك الصباح ينوب عني.»
عاد الوكيل غضبا إلى الكويت، وركب ابن سعود ضاحكا فعاد إلى معسكره في الصبيحية.
وفي اليوم التالي وصل وفد السيد طالب، ووصل نجاب يحمل كتابا من «الوالد» - من مبارك الحانق الحاقد، اللائم الشاتم. وقد كان ناقما على الوفد؛ لأنه لم ينتخب لرئاسته، فكتب إلى عبد العزيز يحذره من «هؤلاء الكذابين المكارين الخداعين. كن صلبا معهم يا ولدي ولا تمكنهم من شيء، ولا تصدق ما يقولون، إنهم كذابون خداعون.»
كان الشيخ جابر بن مبارك يومئذ عند ابن سعود فأطلعه على كتاب أبيه، وقال: «تراه يحذرني من الإنكليز، ويحذرني من الأتراك. وهل في إمكاني أن أحارب الاثنين؟» فأجاب جابر: «انظر إلى ما فيه مصلحتك واترك الناس.»
عقدت جلسة المؤتمر الأولى وكان الشيخ جابر وآخرون من رجال مبارك حاضرين، فرمى عبد العزيز قنبلة من قنابله السياسية، زعزعت المؤتمر وكادت تبدد شمله. قال يخاطب رجال الوفد: «الأتراك كذابون خداعون، وأنا لا أركن إليهم في المفاوضات. فإذا كنتم تبغون مصالحتي فدونكم والدي مبارك هو الواسطة بيني وبينكم، ولست قابلا بغير ذلك.»
عقدت هذه الجلسة في الصباح، فتبعتها جلسة أخرى في ذاك اليوم بعد العشاء، ولكن الفترة بين الجلستين كافية لتثير بركانا من الغضب، خصوصا في رئيس الوفد السيد طالب، ومزاجه مزيج من البارود والكبريت. أظنه نام القيلولة ذاك اليوم ثم صلى المغرب استعاذة وصبرا، ثم ضحك ضحكة طالما أضحكه بعدئذ ذكرها .
كانت جلسة المساء خصوصية فلم يحضرها غير رجال الوفد. وقد أطلعهم عبد العزيز قبل افتتاح الجلسة على كتاب الشيخ مبارك، فكانت الضحكة وكان العجب، ثم باشروا المفاوضات الولائية. طلب الوفد أن يكون للدولة معتمدون في القطيف وفي الحساء، فأبى ابن سعود وطلب أن تكون العلاقات ولائية فقط، وأن تساعده الدولة لقاء هذا الولاء بالأسلحة والذخيرة والمال. بعد اللتيا والتي قبل الوفد بذلك وقرروا أن يظل هذا الاتفاق سرا إلى أن يقره الباب العالي.
عاد رجال الوفد إلى الكويت فأحسن الشيخ مبارك استقبالهم، وعندما سألهم عما جرى أخبروه بما قاله ابن سعود في الجلسة الأولى، فقال: «نصحتكم فما انتصحتم، قلت لكم إن الرجل سفيه عيار
1
Shafi da ba'a sani ba