Tarihin Misra Na Zamani
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Nau'ikan
وفي هذه السنة كان الفراغ من بناء مدينة بغداد، فتحول إليها الخليفة أبو جعفر المنصور في صفر، فلما دخلها أمر أن تجتمع إليه العلماء والفلاسفة، وفي سنة 147ه حج يزيد واستخلف عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج صاحب شرطته، وبعث جيشا لغزو الحبشة من أجل خارجي ظهر هناك؛ فظفر به الجيش، وقدم رأسه في عدة رءوس؛ فحملت إلى بغداد.
وفي سنة 148ه ضم يزيد برقة إلى عمل مصر، وهو أول من فعل ذلك، وفي سنة 150ه خرج القبط في سخا؛ فبعث إليهم جيشا فرجع منهزما، وفي سنة 152ه توفي يزيد بن حاتم، وأقام المنصور عوضا عنه عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، وهذا لم يحكم مصر إلا 3 سنين، وفي سنة 155ه أبدل بأخيه محمد بن عبد الرحمن، وفي سنة 156ه توفي محمد المذكور فولى مكانه موسى بن علي بن رباح.
ولداعي هذه التغييرات الكثيرة في إمارة مصر لم يرتح أهلها، فلم يكن لها فرصة للتقدم خطوة نحو الأمام؛ لاعتقاد كل حاكم أنه عن قليل معزول، فبدلا من أن يسعى في زرع ما ربما لا يستغله كان يسعى فيما فيه نفعه الشخصي، ولذلك كان كل واحد منهم يزيد في مقدار الضرائب المفروضة، أو يخترع ضرائب جديدة بحيث إنه لم يبق شيء معفي من الضرائب؛ حتى الفعلة، وبائعي البقول، وقادة الجمال، وكل الصناع، حتى المتسولين، كل هؤلاء كانوا يدفعون الضرائب، فعم البلاء، واشتد الجوع؛ فأكل الناس الكلاب، ولحم الآدميين!
وفي 6 ذي الحجة سنة 158ه توفي أبو جعفر المنصور، وهو في بير ميمون على بضعة أميال من مكة؛ حيث توجه لقضاء فروض الحج، وكان عمره 63 سنة، ومدة حكمه 22 سنة إلا 7 أيام، وهذه صورة من النقود التي ضربت في أيام الخليفة المنصور سنة 146ه (انظر شكل
5-2 ).
شكل 5-2: نقود المنصور. (3) خلافة محمد المهدي (من سنة 158-169ه/775-785م)
فخلفه محمد المهدي ابنه، وهو الخليفة الثالث من بني العباس، وكان كأبيه متقلبا مترددا، وفي سنة 159ه صرف موسى بن علي عن مصر، وولى محمد بن سليمان من أهالي سوريا، ثم عزله وأعاد موسى بن علي، وفي سنة 160ه صرف هذا وولى عيسى بن لقمان الجمحي، وفي سنة 160ه صرف عيسى وولى واضحا مولى أبي جعفر، وبعد يسير أبدله بمنصور بن يزيد الرعيني، وهو ابن خال الخليفة المهدي، وفي سنة 163ه أبدله بيحيى بن داود الملقب بأبي صالح من أهل خراسان، وكان أبوه تركيا، وهو من أشد الناس، وأعظمهم هيبة، وأقدمهم على الدم، وأكثرهم عقوبة؛ فمنع من إغلاق الدروب ليلا، ومن إغلاق الحوانيت حتى جعلوا عليها شرائح القصب لمنع الكلاب، ومنع حراس الحمامات أن يجلسوا فيها، وقال: «من ضاع له شيء فعلي أداؤه» فكان الرجل يدخل الحمام فيضع ثيابه، ويقول: «يا أبا صالح، احرسها» فكانت الأمور جارية على هذا النمط مدة ولايته، وأمر الأشراف والفقهاء وأهل النوبات بلبس القلانس الطوال، والدخول بها عليه يوم الاثنين والخميس بلا أردية، وكان أبو جعفر المنصور إذا ذكره قال: هو رجل يخافني ولا يخاف الله.
وفي سنة 164ه عزل أبو صالح وولى سالم بن سوادة التميمي، وفي 15 محرم سنة 165 عزله المهدي وولى إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، فابتنى دارا عظيمة بالموقف من العسكر، وخرج دحية بن المعصب من نسل عبد العزيز بن مروان نابذا، ودعا إلى نفسه بالخلافة؛ فتراخى عنه إبراهيم، ولم يحفل بأمره حتى ملك عامة الصعيد؛ فسخط المهدي على إبراهيم، وعزله عزلا قبيحا في 7 ذي الحجة سنة 167ه وولى موسى بن مصعب بن الربيع من أهل الموصل.
ولما جاء هذا مصر أخذ من إبراهيم وممن كان معه ثلثمائة ألف دينار، ثم سيره إلى بغداد، وشدد موسى في استخراج الخراج، وزاد على كل فدان ضعف ما يقبل، وجعل يقبل الرشوة، وضرب خراجا على الحوانيت وعلى الدواب؛ فتضايق الأهالي، وكره الجند ذلك ونابذوه، وثارت قيس واليمانية، وكاتبوا أهل الفسطاط فاتفقوا عليه؛ فبعث بجيش لقتال دحية بالصعيد، وخرج في جند مصر كلهم لقتال أهل الحوف، فلما التقوا انهزم عنه أهل مصر بأجمعهم، وأسلموه؛ فقتل في 9 شوال سنة 168ه من غير أن يتكلم أحد منهم، وكانت ولايته عشرة أشهر وكان ظالما غاشما.
فولى المهدي مكانه أسامة بن عمر وقتيا إلى أن أنفذ إليها الفضل بن صالح أخا إبراهيم - المتقدم ذكره - أميرا فأخذ يسعى في إخماد ثورة أهل الحوف، وخاف خروج دحية؛ لأن الناس كانوا قد كاتبوه ودعوه، فسير الفضل عساكره إليه، وكان قد أتى بها من الشام فانهزمت رجال دحية، وقبض عليه، وسيق إلى الفسطاط؛ فضربت عنقه في جمادى الآخرة سنة 169ه وكان يقول للفضل: أنا أولى الناس بولاية مصر؛ لأني قمت في أمر دحية، وقد عجز عنه غيري، ويقال: إنه ندم على قتل دحية، وفي تلك السنة بنى الفضل الجامع بالعسكر، وكان الناس يجتمعون فيه.
Shafi da ba'a sani ba