Tarihin Misra Na Zamani
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Nau'ikan
ففي 19 ربيع الأول سنة 45ه أنفذ معاوية أمره إلى عقبة أن يسير إلى رودس بحرا، فقدم مسلمة ورافق عقبة إلى الإسكندرية وهو لا يعلم بإمارته، فلما توجه سائرا استوى مسلمة على سرير إمارته، فبلغ ذلك عقبة، فقال: «أخلعا وغربة» وكانت مدة ولايته ثلاثة أشهر، وقيل سنتين وثلاثة أشهر.
وأخذ مسلمة في إجراء الأحكام وجمع الصلات والخراج، وانتظمت غزواته في البر والبحر، فأنفذ إلى الغرب جيوشا، وشاد مدينة القيروان ، وأقام حولها حصونا ومعاقل، وجعل فيها حامية، وفي سنة 53ه في إمارته نزلت الروم البرلس، وقتل يومئذ وردان مولى عمرو بن العاص في جمع من المسلمين، وأمر مسلمة بابتناء منارات المساجد، وهو أول من أحدث المنائر بالمساجد والجوامع، وفي سنة 60ه سافر مسلمة بن مخلد إلى الإسكندرية، واستخلف على مصر عابس بن سعيد، وفي هذه السنة توفي معاوية في دمشق في غرة رجب، وسنه ثمان وسبعون سنة، ومدة خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام. (2) خلافة يزيد بن معاوية (من سنة 60-64ه/681-684م)
وفي يوم وفاة معاوية بويع ابنه يزيد، فأقر مسلمة بن مخلد على مصر، فكتب إليه بأخذ البيعة؛ فبايعه الجند إلا عبد الله بن عمرو بن العاص، فهددوه بالحريق فبايع، ولم يكن يزيد أهلا للخلافة، ولولا قانون الوراثة الذي سنه أبوه ما بلغ عمره هذا المنصب؛ لأنه كان متبعا هوى نفسه متغاضيا عن واجباته. فحرك ذلك الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير على إقامة الحجة عليه، وكانا في المدينة، فبعث يزيد إلى حاكمها أن يقبض عليهما؛ ففرا منها، وسار الحسين إلى العراق؛ لأن أكثر شيعة أبيه هناك، وقد التف عليه حزب كبير من أهل الكوفة وغيرها، فأرسل يزيد إلى عبيد الله بن زياد عامله هناك بدفعه؛ فبعث إليه جندا قتلوه أفظع قتلة، وأتوا برأسه إلى يزيد.
لكنه لم يكد يبلغ مناه بقتل الحسين حتى قام عبد الله بن الزبير في مكة فشدد عليه النكير وهو يطلب الخلافة لنفسه.
وكانت مصر في أثناء ذلك ساكنة آمنة، وفي 25 رجب سنة 62ه توفي أميرها مسلمة بن مخلد بعد أن تولاها خمس عشرة سنة، وأربعة أشهر، فولي الخليفة مكانه سعيد بن يزيد الأزدي من أهل فلسطين، فدخل مصر في مستهل رمضان سنة 62ه فتلقاه عمر بن قحزم الخولاني، وقد شق عليه تولية من هو من غير بلاده عليه، فقال: «يغفر الله لأمير المؤمنين، أما كان فينا مائة شاب كلهم مثلك؛ يولي علينا أحدهم.» ثم جعل أهل مصر يعرضون عنه ويعارضونه في أحكامه، ولكنه كان حازما لم يثنه ذلك عن إقامة الحد، واتباع العدل؛ فسادت الراحة، واستتب النظام إلى آخر أيامه.
وما زالت الأحزاب في مكة والمدينة يشددون النكير على يزيد إلى أن جمعوا على خلعه رغم كثرة دعاة الأمويين، وأخرجوا من كان منهم في المدينة؛ فأنفذ يزيد 12 ألفا من رجاله عليهم مسلمة بن عقبة المرسي لمحاصرة المدينة، وأمرهم أن لا يكفوا عنها إلا إذا أذعنت، فإذا مضت ثلاثة أيام ولم تفعل فليحرقوها، وهكذا حصل؛ فإنها أصبحت غنيمة للنار بعد الإفاضة في النهب والقتل والأسر، وكان ذلك في سنة 63ه.
وفي سنة 63ه بويع عبد الله بن الزبير على الخلافة في مكة بإجماع من كان فيها من أهلها، والمهاجرين إليها من المدينة والحجاز؛ فأرسل يزيد الحصين بن النمير إلى مكة فحاصرها، وقاتل أهلها، ورماها بالمنجنيق؛ فأحرق الكعبة. كل ذلك وابن الزبير فيها يدافع بالشيء الممكن إلى أن جاءه الخبر بوفاة يزيد؛ فقطع قول كل خطيب، وكانت وفاته في حوارين من أعمال حمص، في 4 ربيع أول سنة 64ه بعد أن تولى الخلافة ثلاث سنين وتسعة أشهر إلا بضعة أيام، وسنه 39 سنة. (3) خلافة معاوية بن يزيد ثم عبد الله بن الزبير ثم مروان بن الحكم (من سنة 64-65ه/684-684م)
وفي يوم وفاة يزيد بويع ابنه معاوية وسنه عشرون سنة، ويدعوه بعضهم: معاوية الثاني؛ تمييزا له من معاوية بن أبي سفيان جده، وبعد 45 يوما من مبايعته توفي ولا ولد له.
وفي 9 رجب من تلك السنة هتف أهل الحجاز بمبايعة عبد الله بن الزبير بالإجماع، ويقال إن معاوية بن يزيد تنازل له عن الخلافة من يوم بايعوه؛ لما رأى من كثرة أحزابه، وعجزه عن مناهضته، فزهد في الدنيا مع صغر سنه، وطلب أن يكتب على قبره: «الدنيا غرور.»
وكان عبد الله بن الزبير رجلا مؤدبا فطنا، جمع بين شرف النسب وعلو الهمة والإقدام، حضر عدة وقائع وهو شاب، ولما افتتح عمرو بن العاص مصر كان عبد الله وأبوه الزبير وأخوه محمد من جيشه، ولما كتبت معاهدة الصلح بين عمرو والأقباط وضع هؤلاء الثلاثة أختامهم عليها شهودا ، ولما أرسل الخليفة عثمان بن عفان عبد الله بن سعد أمير مصر في جيش عظيم لافتتاح سواحل الغرب كان عبد الله بن الزبير معه، ومن أخلاقه: أنه كان مثابرا في أعماله، ثابتا في مقاصده، فلم ينفك منذ اختلاس معاوية بن أبي سفيان الخلافة من الخلفاء الراشدين وهو في سعي دائم عليه، ثم على ابنه يزيد، ثم على ابن ابنه معاوية الثاني؛ حتى ظفر بمرامه، ولما جاء الخبر بوفاة يزيد كان في مكة محاطا بجيش من اليزيديين؛ فلما علموا بالخبر عادوا على أعقابهم إلى الشام، فاستولى عبد الله على المدينة والحجاز واليمن، وبايعه من فيها، ثم شرع في ترميم الكعبة فهدمها حتى ألحقها بالأرض، وكانت قد مالت حيطانها من حجارة المنجنيق، وجعل الحجر الأسود عندها، وكان الناس يطوفون من وراء الأساس، وضرب عليها السور ، وأدخل فيها الحجر.
Shafi da ba'a sani ba