Tarihin Misra Na Zamani
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Nau'ikan
وسيلة، وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم بالزور، وأضلهم سبيلا، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، ولد الضالين مضلين طاغوت من طواغيت إبليس، وأما قولك: إني مالئ عليك مصر خيلا ورجلا، فوالله إن لم أشغلك بنفسك حتى تكون أهم إليك إنك لذو جد، والسلام.»
فلما رأى معاوية كتابه قنط منه، وثقل عليه مكانه، ولم تنجح فيه حيله؛ فجعل يسعى في كيده إفسادا بينه وبين علي، فقال لأهل الشام: «لا تسبوا قيسا، ولا تدعوا إلى غزوه؛ فإنه لنا شيعة، تأتينا كتبه ونصيحته سرا، ألا ترون ما يقع بإخوانكم الذين عنده من أهل خربتا؟ يجري عليهم أعطياتهم وأرزاقهم ويحسن إليهم.» وإتقانا لمكيدته افتعل كتابا عن قيس إليه بالطلب بدم عثمان، والدخول معه في ذلك، وقرأه على أهل الشام، فبلغ ذلك عليا فأعظمه وأكبره، فدعا ابنيه وعبد الله بن جعفر وأعلمهم بذلك.
فقال ابن جعفر: «يا أمير المؤمنين، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك لعزل قيس عن مصر.» قال علي: «إني والله ما أصدق بهذا عنه.» فقال عبد الله: اعزله فإن كان هذا حقا لا يعتزل لك. فبينما هم كذلك؛ إذ جاءهم كتاب من قيس يخبر أمير المؤمنين بحال المعتزلين، وكفه عن قتالهم، فقال ابن جعفر: «ما أخوفني أن يكون ذلك ممالأة منه؛ فمره بقتالهم.» فكتب إليه يأمره بقتالهم، فلما قرأ قيس الكتاب كتب جوابه: «أما بعد، فقد عجبت لأمرك، تأمرني بقتال قوم كافين عنك، ومتى حاددناهم ساعدوا عليك عدوك، فأطعني يا أمير المؤمنين، واكفف عنهم فإن الرأي تركهم، والسلام.» (3-2) محمد بن أبي بكر على مصر
فقرأ علي الكتاب بحضور ابن جعفر، فقال له: «يا أمير المؤمنين، ابعث محمد بن أبي بكر على مصر، واعزل قيسا.» فبعث علي محمد بن أبي بكر إلى مصر، فلما وصلها قال له قيس: «ما بال أمير المؤمنين؟ ما غيره؟ أدخل أحد بيني وبينه؟» قال: لا، وهذا السلطان سلطانك، فقال قيس: «والله لا أقيم» وخرج من مصر مقبلا إلى المدينة، وسار إلى علي، وأخبره الخبر، فعلم أنه كان يقاسي أمورا عظيمة من المكايدة.
أما محمد بن أبي بكر لما قدم مصر - على ما تقدم - جمع إليه سراة البلاد، ورجال الدولة، وتلا عليهم كتاب أمير المؤمنين، ثم قام خطيبا، فقال: «الحمد لله الذي هدانا وإياكم لما اختلف فيه من الحق، وبصرنا وإياكم كثيرا مما كان عمي عنه الجاهلون. ألا إن أمير المؤمنين ولاني أمركم، وعهد إلي ما سمعتم، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب، فإن يكن ما ترون من إمارتي وأعمالي طاعة لله فأحمد الله على ما كان من ذلك، فإنه هو الهادي له، وإن رأيتم عاملا لي عمل بغير الحق فارفعوا إلي وعاتبوني فيه، فإني بذلك أسعد، وأنتم جديرون، وفقنا الله وإياكم لصالح الأعمال برحمته.»
وفي سنة 38ه خرج معاوية بن حديج السكوني، وطلب بدم عثمان، فالتف عليه قوم كثيرون، وفسدت مصر على محمد بن أبي بكر. (3-3) فتح عمرو بن العاص مصر ثانية
أما معاوية فكان قد استفحل أمره، وكثر متشيعوه؛ فبايعوه على الشام، ولم يكن له هم إلا مصر، وكان يخشى منها لقربها منه، وكان يعتقد أنه إذا ظهر عليها مكنته من الظهور على علي؛ فتكون الخلافة كلها له. فاجتمع بعمرو بن العاص، وحبيب بن مسلمة، وغيرهما من سراة قومه، وقال لهم: «أتدرون لما جمعتكم؟ فإني جمعتكم لأمر لي مهم.»
فقال عمرو: «دعوتنا لتسألنا عن رأينا في مصر، فإن كنت جمعتنا لذلك فاعزم واصبر، فنعم الرأي رأيت في افتتاحها، فإن فيه عزك وعز أصحابك، وكبت عدوك، وذل أهل الشقاق عليك.»
فقال معاوية: «أهمك يا ابن العاص ما أهمك.» وكان عمرو قد صالح معاوية على قتال علي على أنه له مصر طعمة ما بقي حيا. فنظر معاوية إلى من حضر من أصحابه، وقال لهم: «لقد أصاب أبو عبد الله فما ترون؟»
فقالوا: «ما نرى إلا ما رأى عمرو.» قال: «فكيف أصنع؟ فإن عمرا لم يفسر كيف أصنع؟»
Shafi da ba'a sani ba