Tarihin Misra Na Zamani
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Nau'ikan
ولما كانت المملكة المصرية من أقدم الممالك تمدنا، وأكثرها حوادث وطوارئ ومحنا؛ لكثرة ما تداول عليها من الدول المتباينة نزعة ولغة ووطنا، كانت أجدرها بتدوين تاريخها عبرة للذين يعتبرون.
وبما أن تاريخها بعد الفتح الإسلامي أكثر ارتباطا بحالتها الحاضرة من تاريخها قبله كان أكثر فائدة وأحوج إلى التدوين، وهذا ما ندعوه بتاريخ مصر الحديث.
وقد قام من كتبة العرب وأفاضلهم كثيرون اعتنوا بالكتابة عن مصر وتاريخها القديم والحديث، وسيأتي ذكرهم، وذكر مؤلفاتهم في الجزء الأول من هذا الكتاب عند الكلام عن مصادر تاريخ مصر الحديث، وأحدث هذه المؤلفات: «الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة، ومدنها، وبلادها القديمة والشهيرة» تأليف العلامة الفاضل صاحب السعادة علي باشا مبارك، ناظر عموم المعارف، جعله عشرين جزءا كبيرا، وهو من التآليف التي لا يقدم على كتابتها إلا أصحاب الهمم العالية، والمعارف الواسعة، وقد كان عليه معتمدي، وإليه مرجعي في كثير من المواضيع، ولا سيما فيما يتعلق بالشوارع والجوامع.
ومن الغريب أني لم أر بين المؤرخين الذين كتبوا عن مصر من اعتنى بوضع تاريخ لها مستوف على أسلوب قريب من فهم العامة، ورضى الخاصة، تتعاقب فيه الحوادث بتعاقب السنين مع علاقة كل ذلك بالدولة الإسلامية عموما وسائر الدول المعاصرة، وأغرب من ذلك أني لم أر بين مدارس القطر السعيد - من أميرية وغير أميرية - مدرسة تعتني بتدريس هذا التاريخ الذي هو تاريخ بلادها، ولعل السبب في ذلك : عدم وجود الكتب الموضوعة على أسلوب مناسب للتدريس.
وقد رأيت الناس يلهجون باحتياج البلاد إلى مثل هذا التاريخ؛ فأخذت على نفسي - مع علمي بعجزي - أن أبذل الجهد في سد هذا العوز، معتمدا على أصح الروايات، وأصدق الكتبة من ثقات المشرق والمغرب، ملتزما في كل ذلك صحة النقل، وانتقاء أصح الروايات، وتطبيق كل ذلك على الأحكام العقلية، وإغفال كل ما هو مقول بغير قياس من التقاليد والخرافات.
وقد عنيت إتماما لمعدات التأليف بتفقد الآثار العربية بنفسي بإذن من نظارة الأوقاف الجليلة، فزرت معظم جوامع القاهرة وضواحيها، ولا سيما ما كان منها قديما كجامع عمرو، وجامع ابن طولون، والجامع الأزهر، وجامع السلطان حسن، وجامع السلطان برقوق، وجامع قايت باي، وجامع الغوري ... وغيرها، وزرت ما هنالك من البنايات القديمة كالقلعة وما جرى مجراها، وتسلقت ما صعب مسلكه منها، ولا سيما أسوار القاهرة القديمة وأبوابها كباب النصر، وباب الفتوح، وباب الشعرية ... وغيرها، ومن هذه الأماكن ما قد تداعت أركانه، وصعب الصعود إليه إلا بالمخاطرة. فكثيرا ما كنت أخاطر بحياتي لهذه الغاية، ومن الآثار العربية التي تفقدتها - ما عدا الجوامع والمشاهد والتكيات والشوارع - قصر الشمع، أو دير النصارى في مصر القديمة، ودار التحف العربية في جامع الحاكم بشارع النحاسين، وغير هذه الأماكن في القاهرة وضواحيها كالقناطر الخيرية ... وغيرها.
أما الآثار المصرية القديمة: فقد تفقدتها كلها أيضا، ولا سيما ما هو منها في مصر العليا مبتدئا من أهرام الجيزة بجوار القاهرة إلى ما وراء وادي حلفا آخر حدود مصر، فزرت خرائب سقارة وإسنا، وطيبة، والكرنك، وبيبان الملوك، وجبل السلسلة، وأنس الوجود، وأبا سنبل ... وغيرها، ومثل ذلك آثار مصر السفلى مبتدئا بالمطرية فأتريب فغيرها، وفي مصر العليا فضلا عن الآثار المصرية القديمة آثار استحكامات وبنايات بناها المماليك أو غيرهم في حال محاربتهم حكومة البلاد أو دفاعهم عنها.
كل هذه الأماكن تفقدتها جيدا إتماما لمعدات التأليف، ولما توفرت لدي المواد اللازمة باشرت تأليف هذا الكتاب، ودعوته: «تاريخ مصر الحديث» من الفتح الإسلامي إلى هذه الأيام. ثم رأيت أن الفائدة لا تتم إلا إذا جعلت في مقدمته ملخص تاريخ مصر القديم؛ ربطا للحوادث بعضها ببعض، وبتزيينه بالرسوم، والخارطات، وإيضاحات أخرى. فجاء بحمد الله كتابا في جزأين كبيرين، وهاك ملخص ما تضمنه: (1)
فذلكة في تاريخ مصر القديم من أول عهدها إلى الفتح الإسلامي. (2)
تاريخ مصر الحديث من الفتح الإسلامي إلى هذه الأيام، وهو مقسوم إلى دول تحتها خلافات أو سلطنات أو أمارات مرتبة حسب أزمان حكمها، فيبدأ بدولة الخلفاء الراشدين، فبني أمية، فالعباسيين، وهكذا حتى العائلة المحمدية العلوية الحاضرة. (3)
Shafi da ba'a sani ba