Tarihin Misra Na Zamani
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Nau'ikan
أبي تميم المعز بن باديس بن المنصور ولي أمير المؤمنين بولاية جميع المغرب وما افتتحه بسيف أمير المؤمنين وهو طويل» وأرسل إليه سيفا وفرسا وأعلاما على طريق القسطنطينية فوصل ذلك يوم الجمعة فدخل به إلى الجامع، والخطيب ابن الفاكاة على المنبر يخطب الخطبة الثانية. فدخلت الأعلام فقال: «هذا لواء الحمد يجمعكم، وهذا معز الدين يسمعكم، وأستغفر الله لي ولكم» وقطعت الخطبة للعلويين من ذلك الوقت، وأحرقت الأعلام.
وكان المستنصر مشتغلا في أثناء ذلك بالاضطرابات الداخلية بين قبيلتين من العرب: بني زابح، وبني رياح؛ فرأى الوزير أن يستدرك الخطب الداخلي قبل الخطب الخارجي، وأن يستخدم العدو الواحد لإبادة الآخر، فأصلح بين القبيلتين وحرضهما على المعز بن باديس على أن يجعل لهما في مقابل ذلك برقة وطرابلس الغرب.
فاستعد ابن باديس لملاقاة أعدائه بجيش مؤلف من 30 ألف فارس، ولم يكن الأعراب أكثر من 3 آلاف مقاتل. فلما التقوا بجيش المعز هابوه فطلبوا الفرار، فناداهم قائدهم مونس أن يجالدوا في القتال فأجابوه: «أين نطعن هؤلاء المكسوين بالخوذ والدروع؟» فقال: «في عيونهم» ومن ذلك الحين لقب مونس بأبي العيون، وعادت رجاله وقد ثارت فيهم الحمية العربية، وما زالوا حتى انتصروا على المعز في تلك الوقعة. ثم بقيت الحرب سجالا بين الفريقين ست سنوات، وكانت الغلبة طورا لهؤلاء وطورا لهؤلاء.
أما المستنصر فعمد إلى تزيين القاهرة، وبناء البنايات الجميلة فيها فأعاد تذهيب جامع عمرو سنة 441ه وبنى فيه منبرا من الخشب الثمين قائما على عمد من خشب الصندل، وأقام فيه منارة جديدة، وخصص لهذه الترميمات مالا من خزينته الخاصة.
وفي سنة 442ه توفي في مصر أميرتان من أغنى أمراء مصر، وهما: راشدة، وعبدة، وكلاهما ابنتا الخليفة المعز لدين الله؛ فتركت الأولى ثروة مقدارها مليونان وسبعمائة ألف دينار، والثانية مثل ذلك، وكان الخلفاء الفاطميون ينتظرون موتهما ولم يروه فكانت ثروتهن غنيمة بارة للخليفة المستنصر. (5-2) الفتنة بين الخلافتين
وفي سنة 444ه وصل القاهرة نبآن مختلفان ؛ الأول: أن الخليفة العباسي في بغداد أصدر منشورا إلى العالم الإسلامي يقدح فيه بانتساب الخلفاء الفاطميين إلى علي بن أبي طالب، والثاني: أن أمير اليمن علي بن محمد الصالحي أمر أن يخطب باسم المستنصر في الصلاة وأرسل إليه هدايا. فسر الخليفة المستنصر لهذين الخبرين اللذين يوازن أحدهما الآخر، ولم يبد حراكا؛ لاشتغاله بقحط عظيم نتج عن تقصير النيل تلك السنة فاشتد الجوع، وكان قد احتكر الحنطة، وكان يخزن منها كل سنة بمائة ألف دينار يحفظها في خزائنه؛ ليبيعها عند الحاجة بالأثمان الغالية، فإذا كانت سنة رخاء كان الوزير اليازوري يستبدل تلك الحنطة بقيمتها من الخشب أو الحديد أو ما شاكل.
ففي سنة 446ه لم يف النيل، ولم يكن في خزائن الحنطة ما يكفي لغير الخليفة وأهله وحاشيته قوتا ضروريا فغلا ثمن الكيس الصغير من القمح ثمانية دنانير، وأخذ الجوع يتزايد، وتبعه الطاعون، وامتد الاثنان إلى سوريا حتى بلغا بغداد، وتبع هاتين الضربتين ضربة ثالثة نعني الحرب، وسببها: أن الخليفة المستنصر لما اشتد الجوع في بلاده أرسل إلى القسطنطينية يستنجد إمبراطورها بالحنطة فرضي الإمبراطور أن يرسل له أربعمائة ألف أردب، ولكنه مات قبل إرسالها. فلما تولت الإمبراطورة ولية العهد أوقفت الإرسال على أن يعقد لها المستنصر معاهدة (هجومية ودفاعية) فلم يرض فلم ترسل الحنطة فاستشاط غضبا، وأمر بالجهاد فأنفذ ناصر الدولة لفتح اللاذقية وأنطاكية فقبض عليه وتفرق جيشه. فتعاظم غيظ المستعمر، واشتد انتقامه فأمر بالحجز على كل ما في كنيسة القيامة في القدس الشريف من الأموال والأدوات الثمينة فاضطربت العلاقات الودية بين الروم ومصر.
وزاد المصريين رعبا مذنب طويل ظهر في سماء مصر في 12 جمادى الثانية سنة 455ه ولم يغب إلى 15 رجب منها. غير أن الوزير لم يأل جهدا في تدبير الأمور بحكمة ورزانة فخفف المصائب، واستجلب القوت إلى البلاد رويدا رويدا. على أن سلطة المستنصر كانت تزداد في الخارج يوما فيوما حتى إن البساسيري قائد جند الخليفة العباسي القائم بأمر الله لما كبر شأنه خلع خليفته، وبايع للمستنصر الفاطمي، ورفع العلم الأبيض على منابر بغداد سنة 450ه واقتدى به أهل واسط والكوفة وسائر المدن الشرقية الكبرى.
فامتدت سلطة المستنصر الدينية إلى خراسان وفارس. فرأى السلطان طغرلبك هناك أن تسلط العلويين يضر بغرضه فسار بجيشه إلى بغداد، وأعاد القائم بأمر الله إلى منصبه، ونصب العلم العباسي، وأعاد الخطبة للخليفة القائم في 26 ذي القعدة سنة 451ه.
وكان المستنصر قد أرسل إلى البساسيري مددا من الرجال، وخمسمائة ألف دينار، ومؤنا وذخائر وثيابا وخيلا، ولكن لما علم بإعادة بيعة الخليفة العباسي خاف ولم يعد يمده، واكتفى باتخاذ الاحتياط لمنع تقدمه، ولولا ذلك لانتشرت سلطة الدولة الفاطمية إلى أقصى ما بلغت إليه الدولة العباسية في عزها. (5-3) حروب واضطرابات
Shafi da ba'a sani ba