Tarihin Da Ya Gabaci Tarihi
تاريخ ما قبل التاريخ
Nau'ikan
ومن أقدم ما عثر عليه من قطع الحديد بعض حبيبات من (الخرز) في حفائر جرزة بمديرية الجيزة التي ترجع إلى ما قبل تاريخ الأسرات المصرية الأولى، وقد أثبت تحليلها الكيمائي أنها من حديد النيازك لاحتوائها نسبة مرتفعة من النيكل.
يلي ذلك قطع من آلات حديدية وجدت في آثار بعض الأسرات القديمة على أن صحة انتسابها لما وجدت فيها من آثار محل تشكك أغلب علماء الآثار؛ ولهذا نرى أن نضرب عنها صفحا. وقد وجدت بين الآثار التي كان يحتويها قبر توت عنخ آمون بعض آلات حديدية، منها: خنجر، ومسند مصغر للرأس، وعين ضد الحسد مصنوعة في سوار من ذهب، وأسلحة صغيرة دقيقة ذات أيد خشبية يبدو أن قيمتها كانت دينية؛ إذ لا يعقل أنها كانت ذات فائدة عملية تذكر. ولما كان حديد هذه الآلات المختلفة لما يحلل، فلا يمكن البت في هل صنعت من حديد النيازك أو من حديد مستخلص من خامات أرضية، والغالب أنها كانت مستوردة من الخارج.
ومنذ نهاية الأسرة الثامنة عشرة، التي كان توت عنخ آمون من أواخر ملوكها، زادت الأشياء المصنوعة من الحديد بين آثار المصريين القدماء، حتى إذا وصلنا إلى الأسرة السادسة والعشرين، حوالي سنة 600 قبل الميلاد، شاع استعمال الحديد شيوع النحاس والبرنز، ولبث هذا حتى إذا جاء عام 255 قبل الميلاد كان الحديد قد أصبح بالكثرة التي سمحت باستعماله في أعمال المحاجر.
وإذ نعلم أن ملوك الأسرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة كانوا قد قاموا بغزوات موفقة إلى الشام وغرب آسيا، فلا عجب أن يكونوا قد مهدوا الطريق لتسرب الحديد إلى مصر من مواطنه في تلك البلاد. وفي ذلك ما يشير إلى أن استعمال الحديد قد بدأ في تلك البلاد قبل أن يستعمله المصريون.
أما عملية استخلاص الحديد من خاماته فقد أثبت العالم الأثري الأستاذ فلندرز بيتري أن في نوقراتس بشمال الدلتا الغربي، كانت هذه الصناعة قائمة حوالي القرن السادس قبل الميلاد، ويغلب على الظن أن الخام الذي كان يستعمل لذلك مما استورد من وراء البحار. على أنه بعد أن دخلت مصر في حكم الرومان، وكانوا يميزون خامات الحديد ويعلمون سر استنباط الحديد منها، فالدلائل متوافرة على أنهم كانوا قد استغلوا بعض خامات الحديد بالصحراء الشرقية لصناعة ذلك المعدن. على أنها صناعة أهملت بعد ذلك إلى وقتنا هذا.
خامات الحديد في مصر
تكثر خامات الحديد في الصحارى المصرية وعلى حالات مختلفة، وسنأتي على ملخص لأهم هذه الخامات: (1) «في شبه جزيرة سينا» يوجد أوكسيد الحديد مختلطا بأكاسيد المنجنيز في مساحة واسعة، تبلغ نحو 200 كيلومتر مربع على مسافة 20 كيلومترا من شاطئ خليج السويس، وعلى مسافة 120 كيلومترا جنوبي مدينة السويس. والمنطقة التي يوجد بها هذا الخام هي هضبة تعلو عن سطح البحر بنحو 600 متر، تقطعها أودية عميقة وعرة المرتقى، وصخورها من الحجر الرملي تتخللها طبقة من الحجر الجيري، وفي أسفل هذه الطبقة الجيرية الخام الحديدي المنجنيزي. والخام في بعض أجزائه مجموعة من أكاسيد المنجنيز الخالصة، وفي البعض الآخر أكاسيد الحديد، وفي غالبية المنطقة هو خليط من الاثنين معا.
هذه الخامات تستغل الآن على نطاق واسع في هذه المنطقة حول نقطة أم بجعة؛ إذ إن فيها خام المنجنيز. وفي الواقع فإن الشركة القائمة بهذا الاستغلال تقصر استغلالها على الأنواع التي تحتوي نسبة مرتفعة من المنجنيز، تاركة وراءها في الوقت الحاضر خامات الحديد. وقد وصلت الشركة مناجمها بخط من السلك المعلق على أبراج من الحديد عبر هذه المنطقة الوعرة إلى سفح الجبال، ومنها بخط سكة حديدية إلى ميناء أبي زنيمة، حيث المرفأ الذي تصدر منه إلى الخارج. وإذا اقتصر النظر حتى الآن على إعداد هذه الخامات لمعدن المجنيز، فإنها، كما قدمنا، مصدر محتمل لخام الحديد في المستقبل.
ثم إن الدكتور هيوم المستشار الچيولوچي للحكومة المصرية، قد أشار إلى وجود عروق من المرو في بعض الجبال القائمة في جنوب شبه جزيرة سينا محتوية خام الحديد. وقد حللت بعض نماذج منه فظهر أن بها نسبة تختلف من 96 في المائة إلى 59 في المائة من أوكسيد الحديد، على أنه لا يمكن إعداد تلك المنطقة مصدرا لخام الحديد إلا بعد أن تبحث بحثا مستفيضا؛ للتعرف على مقدار ما تحتويه منه ومتوسط ما بها من معدن الحديد نفسه. (2) «الصحراء الغربية» توجد أكاسيد الحديد والمغرة الحمراء والصفراء في أغلب الواحات الواقعة بصحراء لوبيا، وقد تكون أغناها جميعا الواحة البحرية. فهناك رواسب من خام أوكسيد الحديد الأصفر (الليمونيت) والأحمر مختلطة بأحجار رملية تدل أوصافها وأوضاعها الچيولوچية على أنها رسبت في قاع بحيرة، كانت تمتد فوق تلك المنطقة في أحد العصور الچيولوچية الحديثة، وقد حللت منها بعض النماذج، فظهر أن الخام الأصفر يحتوي 84 في المائة من أوكسيد الحديد؛ أي نحو 58,8٪ من معدن الحديد، بينما الأحمر يحتوي 58,7 في المائة من أوكسيد الحديد؛ أي 41,07 في المائة من المعدن نفسه.
وقد قدر الدكتور هيوم مجموع ما بالواحة البحرية من الرواسب الحديدية بنحو 9 ملايين متر مكعب. على أن المسألة في حاجة إلى بحث أدق للوقوف على حقيقة امتداد هذه الرواسب ومتوسط ما بها من حديد. وعلى الجملة فإن مثل هذه المنطقة لا يمكن عدها - في الوقت الحاضر - من المناطق التي لها قيمة اقتصادية كبيرة؛ إذ تعوزها طرق المواصلات إلى البلاد المعمورة، وإنشاء مثل هذه الطرق؛ مما يكلف نفقات كبيرة قد لا تتناسب مع قيمة هذه الخامات، وإذا لم تكن صالحة للاستغلال على أساس صناعة الحديد نفسها، فقد يجد القائمون بصناعة الألوان والأصباغ في بعض الأكاسيد الحمراء والصفراء في تلك الواحة موردا لبعض حاجتهم. وقد يكون في مستطاعهم في هذه الحالة تحمل تكاليف النقل بالسيارات؛ إذ المقادير قليلة وسعر الأصباغ أعلى كثيرا من سعر الحديد، كذلك توجد في الواحتين الخارجة والداخلة رواسب من أكاسيد الحديد والمغرة ذات ألوان ساطعة يقدرها صانعو الأصباغ، وقد أقبلوا للحصول عليها إقبالا كبيرا في السنين الأخيرة.
Shafi da ba'a sani ba