وجعل صالح شبيبا في ميمنته، وسويد بن سليم فى ميسرته، ووقف فى القلب، فأتاهم وهم على غير تعبية، وبعضهم يجول في بعض ، فحمل عليهم شبيب وسويد؛ فانهزموا، وآتى عدى بن عدى بدابته فركبها وانهزم ، وجاء صالح ونزل في معسكره وأخذوا ما فيه ، ودخل أصحاب عدى على محمد بن مروان؛ فغضب على عدى، ثم دعا خالد بن جزء السلمى فبعثه فى ألف وخمسمائة، ودعا الحارث بن جغونة العامرى، فبعثه في ألف وخمسمائة، وقال : اخرجا إلى هذه المارقة، وأهذا السير ، فأيكما سبق فهو الأمير على صاحبه، فخرجا متساندين يسألان عن صالح، فقيل لهما: إنه نحو آمد؛ فقصداه؛ فوجه صالح شبيبا فى شطر من أصحابه إلى الحارث بن جغوتة، وتوجه هو نحو خالد، فاقتتلوا من وقت العصر أشد قتال ، فلم تثبت خيل محمد لخيل صالح ، فلما رأى أميراهم ذلك ترجلا، وترجل معهما أكثر أصحابهما، فلم يقدر أصحاب صالح حينئذ عليهم، وكانوا إذا حملوا استقبلتهم الرجالة بالرماح، ورماهم الرماة بالنبل، وطاردهم خيالتهم ، فقاتلوهم إلى المساء؛ فكثرت الجراح فى الفريقين، وقتل من أصحاب صالح نحو ثلاثين رجلا، ومن أصحاب محمد أكثر من سبعين.
~~فلما أمسوا تراجعوا، فاستشار صالح أصحابه فقال شبيب: إن القوم قد اعتصموا بختدقهم، فلا أرى أن نقيم عليهم، فقال صالح : وأنا أرى ذلك، فخرجرا من ليلتهم سائرين، فقطعوا أرض الجزيرة وأرض الموصل، وانتهوا إلى الدسكرة، فلما بلغ ذلك الحجاج سرح إليهم الحارث بن عميرة بن ذى الشعار فى ثلاثة آلاف من أهل الكوفة، فسار حتى دنا من الدسكرة، وخرج صالح بن مسرح حتى أتى قرية يقال لها: مدبج على تخوم ما بين الموصل وجوخى، وصالح فى تسعين رجلا، فلقيهم الحارث لثلاث عشرة بقين من جمادى، فاقتتلوا فانهزم سويد بن سليم فى ميسرة صالح، وثبت صالح فقتل ، وقاتل شبيب حتى صرع عن فرسه؛ فحمل عليهم راجلا؛ فانكشفوا عنه، فجاء إلى موقف صالح فأصابه قتيلا، فنادى : إلى يا معشر المسلمينا فلاذوا به فقال لأصحابه : ليجعل كل واحد منكم ظهره إلى ظهر صاحبه، وليطاعن عدوه حتى يدخل هذا الحصين ونرى رأينا، ففعلوا ذلك ودخلوا الحصين جميعهم وهم سبعون رجلا، وأحاط بهم الحارث وأحرق عليهم الباب، وقال : إنهم لا يقدرون على الخروج منه .
~~ذكر بيعة شبيب الخارجى ومحاربة الحارث بن عميرة: لما أحرق الحارث الباب على شبيب ومن معه، وقال: إنهم لا يقدرون على الخروج منه، ونصبحهم غدا فنقتلهم ، وانصرف إلى عسكره - قال شبيب لأصحابه : ما تنتظرون؟!
----
Shafi 134