وخرج خالد بأهل البصرة حتى قدم الأهواز، فقال له المهلب : إنى أرى ها هنا سفنا كثيرة، فضمها إليك، فوالله ما أرى القوم إلا محرقيها، فما لبث إلا ساعة حتى أقبلت خيل من خيلهم فحرقتها، وبعث خالد المهلب على ميمنته، وداود بن قحذم على ميسرته، ومر المهلب على عبد الرحمن بن محمد ولم يخندق، فقال له : يابن أخى، ما يمنعك من الخندق ؟ فقال: والله لهم أهون على من ضرطة الحمار! قال : فلا يهونوا عليك ؛ فإنهم سباع العرب، لا أبرح أو تضرب عليك خندقا، فأقاموا نحو عشرين ليلة.
~~ثم إن خالدا زحف إليهم بالناس، فرأوا عددا هائلا؛ فولوا وأخذ المسلمون ما في عكرهم، واتبعهم خالد وداود في جيش من اهل البصرة يقتلونهم، وانصرف عبد الرحمن إلى الرى، وأقام المهلب بالاهواز، وكتب خالد الى عبد الملك يخبره بأن المارقين انهزموا وتبعهم فقتل من قتل منهم، وقد تبعهم داود بن قحذم؛ فكتب عبد الملك إلى بشر بن مروان : أما بعد، فابعث من قبلك رجلا شجاعا بصيرا بالحرب فى أربعة الاف، فليسيروا إلى فارس فى طلب المارقة؛ فإن خالدا كتب يخبرنى أنه قد بعث فى طلبهم داود بن قحذم ، فشز صاحبك الذى تبعث ألا يخالف ابن قحذم إذا التقيا، فبعث يشر عتاب بن ورقاء على أربعة آلاف من أهل الكوفة، فخرجوا فالتقوا بداود، فتبعوا القوم الى أن نفقت عامة خيولهم، ورجعوا إلى الأهواز.
~~وفى هذه السنة خرج أبو فديك الخارجى، فغلب على البحرين؛ فبعث خالد بن عبد الله أخاه أمية بن عبد الله بجند؛ فهزمهم أبو فديك؛ فرجع أمية إلى البصرة (1) وفيها وجه عبد الملك الحجاج بن يوسف إلى مكة؛ لقتال عبد الله بن الزبير .
~~وفيها كتب عبد الملك إلى عبد الله بن خازم السلمى، يدعوه إلى بيعته، ويطعمه خراسان سبع سنين، فقال للرسول: لولا أن أضرب بينى وبين بنى سليم وبنى عامر لقتلتك، ولكن كلن هذه الصحيفة، فاكلها، وكتب عيد الملك إلى بكير بن وشاح - وكان خليفة ابن خازم على مرو وعلى خراسان - فوعده ومناه، فخلع بكير عبد الله بن الزبير، ودعا إلى عبد الملك، فاجابه أهل مرو، وبلغ ابن خازم؛ فخاف أن يأتيه بكير بن وشاح بأهل مرو؛ فبرز له فاقتتلوا، فقتل ابن خازم ويعث برأسه إلى عبد الملك .
~~وبعضهم يزعم أنه إنما كتب عبد الملك إلى ابن خازم بعد قتل ابن الزبير، ونفذ رأس ابن الزبير إليه ، فحلف ابن خازم ألا يعطيه طاعة أبدا ، ودعا بطست فغسل الرأس وحنطه ----
Shafi 127