Tarihin Masuniyya
الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية
Nau'ikan
1
إذ ذاك ملكا على الرومان، وهو الذي اشتهر بحكمته وعدله في رعيته، فأقام بينهم مدارس كثيرة لعلوم متنوعة أخصها علم البناء وأدخل في مدارسه تلك الأسرار، وذلك سنة 715 قبل المسيح.
وكانت هذه المدارس صناعية دينية تعلم تلامذتها الأسرار التي انتقلت إليها من المصريين حتى إذا أتقنوها حق لهم مباشرة الأعمال الدينية أحرارا من غير منازع ولا معارض، وكانت صناعية من حيث إنها لا تتداخل في المسائل السياسية، وكان دأبها عمل ما يعود نفعه على العباد والبلاد، وكانت قوانينها مربوطة بشرائع عظيمة وقوانين جسيمة لا يمكن أن تتعداها أو تخالف منها شيئا.
أما دياناتها، فكانت مؤلفة من أسرار عميقة لا يطلع عليها إلا المترشحون لقبول الدرجات، فيدخل الطالب لها بناء بادئ بدء، ثم يترقى رويدا رويدا إلى أن يطلع على تلك الأسرار التي نراها في كتب من سلفهم من الآشوريين والمصريين والبراهمة والكلدان، وهذه آثارهم تدلنا صريحا على ما كانوا عليه من التقدم والنجاح في معارج القوة والفلاح.
وكان لهم في عهد الرومانيين امتيازات لما ينلها غيرهم، فكانوا معفين من الضرائب المفروضة على الشعب، وكانوا يجتمعون كل ليلة في محفلهم؛ وهو بناية من خشب يقيمونها قرب المنزل المراد إنشاؤه، وهناك يوزعون شغل الغد على الإخوة بأكثرية الأصوات، ويقبلون الطالبين الدخول بينهم ويطلعونهم على أعمالهم وأسرارهم بعد أن يقسموا يمينا مغلظة أن لا يبوحوا بالسر لأحد، وكانوا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: طالبين وإخوة ورؤساء، وكانوا ينتخبون الرئيس لخمس سنوات ويدعونه أستاذا.
وكانت أشغالهم في محافلهم تبدأ دائما بإقامة صلوات واحتفالات دينية، ولكنهم إذ كانوا من أمم شتى، وكان كل منهم يدين بغير دين الآخر وصعب عليهم إقامة الاحتفالات الدينية سوية؛ دعوا الإله الخالق الذي كان كل منهم يعتقد بواجب وجوده مهندس الكون الأعظم لاعتبارهم العالم بناية جسيمة وهيكلا عظيما أبدعه هذا المهندس العظيم.
وكانت الامتحانات في بدء نشأتها قاصرة في الدرجة الأولى والثانية على قليل من الاحتفالات الدينية وتفسير بعض رسوم للطالبين وتدريبهم في الأعمال وتلقينهم إشارات التعارف، وتحليفهم الأقسام العظيمة أنهم لن يخونوا الجمعية التي انتظموا في سلكها، وأنهم يخلصون لها ما زالوا في قيد الحياة عاملين.
وإذا ترقى الطالب وأصبح بجده واجتهاده وحسن سيرته أهلا لدرجة الأستاذ الرفيعة كان عليه أن يقدم الامتحانات الكثيرة والتجارب العديدة التي أخذها الرومان عن المصريين الأقدمين.
وكانت مدارس البنائين تقي طلابها من كل غائلة، وتكفل لهم شرفا أثيلا بالامتيازات التي حصلتها، والتي اشتد أزرها بها فنشأ فيهم لعظم همتهم وسمو مداركهم وشدة محبتهم بعضهم لبعض أفكار واعتقادات في ديانتهم لم يحرزها غيرهم من الشعوب، فكانوا يشحذون قريحتهم ويجهدون قواهم ليجدوا واسطة تكسبهم حسن السمعة بين الملأ، وكانت لهم كما كان لغيرهم من الأمم الغابرة التي هي من الجمعيات السرية قواعد وقوانين لا يطلع عليها غيرهم وإشارات يتعارفون بها.
ومن الرومان تفرعت مدارس البناء فامتدت أولا إلى غاليا سيزالبين؛ وهي البندقية ولومبارديه، وغاليا ترانسالبين؛ وهي فرنسا وبلجكا وسويسرا وبريطانيا العظمى الآن، ثم إلى الشرق وبلاد العرب، ومنهم جاءت إلى إسبانيا، حيث زهت وأزهرت كما تدلنا على ذلك الآثار الهائلة القائمة حتى الآن تشهد بفضل بانيها وعظم قوتهم.
Shafi da ba'a sani ba