Tarihin Masuniyya
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
Nau'ikan
ولا نظن أحدا يجادلنا في احتياج البشر لمثل هذه الجمعيات السرية، وفي أن العلم لا ينمو وينتشر إلا بواسطتها، على أننا لا نحتاج إلى شديد عناء في إقناعهم إذا أصروا على الجدال؛ كيف لا وإن من أشهر الأديان الحديثة المتدينة لها أكبر دول الأعصر الأخيرة ما لم ينم وينتشر إلا باتباعه خطة تلكم الجماعات من التعاليم والتبشير سرا، مع الاحتراس والتشديد في انتقاء من رغب الالتحاق بها.
الديانة المسيحية
هذه الديانة المسيحية - ولا نزيدكم علما بشأنها - من هيئتنا الاجتماعية الحاضرة، فإنها لم تتأيد دعوتها إلا بما اتبعته من طرق التعليم السري، فقد كانت في بادئ نشأتها أشبه بإحدى الجمعيات السرية التي سبقتها، ولم تكن تسلم أسرارها إلا لمن يطلبها، ويبرهن على شدة رغبته في الحصول عليها، وعلى صدق نيته بها وطاهر إخلاصه في اكتسابها، بعد أن يتعهد بالقسم أن لا يكاشف بأسرارها غير المستحقين.
وكانت تلك الأسرار مراتب متفاوتة يتدرج فيها الطالب مرتبة بعد أخرى، بموجب قانونها وعلى حسب استحقاقه، بعد تجارب شديدة على مثال ما تقدم في جماعات الأعصر الخالية. ولم يكن لأصحاب المراتب الأولى أن يطلعوا على شيء من أسرار المراتب الأخيرة ولا يعكس، ولم يكن بين جميع المسيحيين من يعرف جميع تعاليم الديانة المسيحية إلا الذين جازوا المراتب كلها، فكانوا يجيزون لمن أرادوا الحضور في مجامعهم العمومية لاستماع شيء من مواعظهم، وكانوا يلقبونهم بالموعوظين، فهؤلاء متى تلي عليهم بعض الصلوات والأعمال مما لا شيء من الأسرار فيه، كتلاوة فصل من الكتاب أو ما شاكل، يناديهم الكاهن أن يخرجوا، ويبقى المسيحيون يتمون الصلاة «ما يسمونه أحيانا بالكلام الجوهري»، وهذا معنى قول الكاهن في معظم كنائس المسيحيين بعد تلاوة فصل من الكتاب المقدس: «اخرجوا أيها الموعوظون، اخرجوا ليس أحد الموعوظين، بل كافة الموعوظين، والبثوا أيها المؤمنون ... إلخ».
ولا يزال أولئك الموعوظون يترددون إلى الكنائس على ما تقدم إلى أن يرتد أحدهم فيطلب الاعتماد، فيجربونه التجارب اللازمة، حتى إذا رأوا منه رغبة وإخلاصا عمدوه ودعوه «مؤمنا». «وللمؤمنين» الحق بالاشتراك في الصلاة الربانية، ولهم وحدهم أن يقولوا «أبانا الذي في السموات» إلخ.
ثم يرتقي المؤمن بالاستحقاق إلى درجة «المستنيرين»، ولهؤلاء الحق في استطلاع أسرار الديانة المسيحية التي عليها مدار تعاليمها، وكانت لها امتيازات أخرى.
ومن هذه المرتبة يرتقي المسيحي إلى مرتبة «الكاملين»، وهم الذين يحق لهم الاشتراك بالعشاء الرباني.
وكان للمسيحيين غير ذلك من الشئون، مما يستدل منه على أن الديانة المسيحية كانت تنشر تعاليمها في بادئ أمرها على مثال الجمعيات السرية، منها: (1)
أن تعاليمها كانت تبلغ سرا بعد إخراج الموعوظين على ما تقدم. (2)
أنها كانت تستعمل في احتفالاتها ملابس بيضاء، ولا سيما عند العمادة. (3)
Shafi da ba'a sani ba