13
بن كياكسار ثم أدى كل من الملكين يمين الصداقة لصاحبه، وأمضيا على العقد بعد أن جرح كل منهما ذراع الآخر وامتص الدم الذي سال منه، وكانت هذه عادتهم في تلك الأزمان (585). (5) استياج وهوكيكاوس (584-549)
ومات كياكسار بعد ذلك بقليل (سنة 584) بعد أن عمر طويلا وأصاب فخرا جليلا، فإن مملكة ماداي عند ارتقائه على كرسيها لم تكن إلا قطعة صغيرة من هضبة إيران، فترك لخليفته مملكة تمتد من ضفاف نهر الهلمند إلى شطوط نهر هاليس (قزل يرمق) أي ثلث آسيا الغربية، والظاهر أن استياج؛ أي كيكاوس لم يكن من الملوك المحبين للغزو والقتال بل كان غليظ القلب مولعا بأباطيل الاعتقادات وفاسد الخزعبلات، فأمضى حياته حقيرا بطالا منغمسا في اللذات متنعما بعزة الملك وأبهته على ما هو معهود في البلاد الشرقية، ولم يكن له من الملاهي إلا الصيد والقنص في رياض قصره أو في حدود البادية.
خلاصة ما تقدم (1)
تمتد هضبة إيران بين البحر القزويني والخليج الفارسي وتحدها من الشمال سلسلة جبال زغروس (جبل الطاق) وحدها الغربي أراض خصبة تسقيها الأنهار سقيا منتظما، وداخلها رمال لا تصلها المياه ولم يجازف الفاتحون الأولون من الآشوريين بالدخول إلى هذه البقعة. (2)
الماديون من سلالة الآريين وأصلهم من إقليم بلخ، وقد أدوا الإتاوة لتغلا ثفلاصر الثالث وخلفائه، فلما أعقبهم الأمراء من آل ديجوسيس (كيقباذ) اغتموا فرصة اعتراك آشوربانيبال مع عيلام لنوال حريتهم وإزالة نير عبودية آشور عن أعناقهم، بل إن فراورت قد تجاسر على مهاجمة آشور، ولكن آشور يتيليلاني هزمه وقتله (سنة 635) أما ابنه كياكسار فقد كان مؤسس المملكة المادية حقيقة. (3)
آسيا الصغرى هي «إيران صغرى قائمة بين بحار ثلاثة» بحر الروم وبحر إيجي (الأرخبيل) والبحر الأسود، وقد توالى على حكمها الخيثي ثم الفروحيون القادمون من أوروبا في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ثم استعمرها الفينيقيون ثم اليونانيون. وفي القرن السابع جاء جيجيس (675-650) وأصلح مملكة ليديا القديمة فحاولت أن تخرق المستعمرات اليونانية التي كانت حولها حائلة بينها وبين البحر، ولكن داهمها الكيماريون (650) فأوقفوا حركة تقدمها، وما لبثت أن عادت لذلك في أيام أرديس (655-630). (4)
كانت إغارة السكيثيين بعد إغارة الكيماريين مانعا وقتيا لم يتيسر معه لكياكسار قلب المملكة الآشورية، ولما خربت نينوي في سنة 606 تقدم الماديون نحو الغرب واصطدموا بالليديين في أيام ملكهم اليات (618-552)، واستمر القتال بينهما ست سنين وانتهى في سنة 584 بمعاهدة صلح جعلت نهر هاليس حدا لكل من المملكتين. (5)
وقد خلف كياكسار على منصة الأحكام ابنه استياج؛ أي كيكاوس (سنة 584-549) وكان ملكا محبا للزهو الباطل، ولم يتمكن من المحافظة على ما فتحه أبوه من البلدان والأقطار.
اعلم أنه يوجد بقارة آسيا أربعة أنهار متقاربة في الأسماء وموجبة للوقوع في الخلط والاختباط، وهي جيحون وسيحون وجيحان وسيحان. وقد يظن من كتابات العرب أنهما نهران اثنان والحقيقة أنها أربعة متمايزة، وهذا هو البيان. فالأول وهو جيحون يسمى عند الإفرنج أكسوس
Shafi da ba'a sani ba