أما الزخارف الداخلية فكانت على جانب عظيم من البساطة، فالحيطان مطلية بطبقة من ملاط مركب من كلس ورخام أو شيد
1
ممزوج بالجير بحيث لا يظهر الآجر تحتها أو عليها رسوم هندسية أو صور آدمية وحيوانية، وقد يستعيضون عن هذا الطلاء السريع العطب بآخر أبقى يتخذونه من الآجر الذي عليه المينا البيضاء أو السوداء أو الصفراء أو الحمراء، وكان في اختلاط الألوان زينة مقبولة تسر الناظرين، وتصبر على الدهر. فإن أقدم هذا الآجر وأبعده عهدا هو كأقربه عصرا وأحدثه وجودا؛ بحيث لا تزال فيه ألوان زاهية باهية ورونق شائق رائق يأخذ بمجامع القلوب، ويقضي بالعجب العجاب (شكل
14-1 ). (3) آثار آشور
قد كمل الآشوريون ما سنه الكلدانيون في فن العمارة والبناء ولم يعدلوا فيه شيئا يذكر، والآجر هو المادة الأولى في بناياتهم، ولكن الحجارة الكلسية التي وجدوها بكثرة في جبال كردستان مكنتهم في كثير من الأحيان من طلاء عمائرهم بطلاء من الحجر، وكانوا يضعون في قاعدة التراب المركوم مداميك من الدبش الصغير بعناية وترتيب محكم، وفي الداخل كانوا يؤثرون استعمال صحائف رقيقة لتبليط الغرف أو لطلاء الجدران، وأن ترتيب المعابد والقصور بوجه العموم على الكيفية التي عرفناها في الآشور؛ كلخ، ونينوي، ودورشاروكين (خرزاباد)، هو نفس الترتيب المتبع في المعابد والقصور الكلدانية؛ أي إنك ترى فناءات واسعة وغرفا ودهاليز مبنية بالعقد يجيئها الضياء من أعلاها وأبراجا ذات طبقات بعضها فوق بعض. أما الزخرفة في الداخل والخارج فالظاهر أنها كانت متوفرة أكثر بكثير مما في كلديا، فكان على الأبواب أنوار لها رءوس بشرية وتماثيل بالغة في الفخامة والضخامة تمثل البطل جيلجاميس، الذي افترس الأسد وفتك به. وأسفل الحيطان في بعض الأحيان يكون مزدانا بسطوح مربعة وفتحات الأبواب محلاة بسطور من الآجر المموه بالمينا، وهذه السطور ترافق قنطرة الفتحات التي تعلوها صور ورموز دينية، وقد وجد على مدخل باب الحريم في أحد قصور خرزاباد نخلتان من البرونز المذهب، وأما النوافذ (الشبابيك) القليلة التي كانت في بعض الأدوار العليا من البرج فكانت مزدانة بأعمدة صغيرة لها تيجان تحاكي الطرز الأيوني في بلاد الأغارقة، ولها درابزينات من الخشب المشغول، وفي قاعات الاستقبال كانت الحيطان مطلية إلى منتصفها بنقوش بارزة؛ تمثل مواقع الملك المؤسس للقصر ومصايده وطرائده. (4) النقش الكلداني
إن المصنوعات التي تركها لنا نقاشو الكلدانيين تقل كثيرا عما أبقاه نقاشو المصريين، وأن أغلب التماثيل الكلدانية التي عثرنا عليها إلى هذا العهد وجدت في لاجاش وهي محفوظة بمتحف اللوفر، وكلها من حجر الديوريت الأزرق أو الأسود، وقد ضاعت رءوسها ولكنه يوجد في المتحف المذكور نحو ستة رءوس منفصلة، قد ضاعت أجسادها، ولهذه التماثيل هيئة ثقيلة، وشكل جاف (شكل
14-2 )، وذلك لعرض الذقن، وتربعها وكبر الخدود وغلظها، وسمك الشفاه، وتفلطح الأنف، ونجل الأعين، تعلوها حواجب كثيفة مقرونة.
شكل 14-2:
رأس تمثال من لاجاش وهو بمتحف اللوفر.
شكل 14-3:
Shafi da ba'a sani ba