ذكر تسيير ابن ابي زكرى بكسوة الكعبة - شرفها الله -
فيها جهز مولانا السلطان في خامس عشر شهر شوال الكسوة برسم الكعبة الشريفة - شرفها الله تعالى - صحبة الأمير عماد الدين يوسف بن أبي زكرى ( ابن زين الدين موسى بن جنكو بن كهوان) ، وخرج معه جماعة من الحجاج وسار إلى مكة - حرسها الله - وكانت الوقفة يوم الإثنين ، وأقاموا بمكة ثمانية عشر يوما وبالمدينة عشرة آيام ، فذهب أكثر زاد الناس ، وعزموا على الرحيل ، فحصل لهم من ايلة إلى مصر مشقة عظيمة ، ومات منهم خلق كثير ، وبلغ القمح في آيلة جملة مستكثرة ، والشعير مايتي وستة دراهم نقرة الإردب ، ووصلوا إلى الديار المصرية يوم الااثنين سابع عشرين صفر من سنة خمس وسبعين . وفيها ، في ثالث شهر رمضان المعظم، ظهر بالموصل بحارة تعرف بسويقة بن خليفة ضريح شخص ا من ولد الحسن بن علي - عليهما السلام - وكان سبب ظهوره أن شخصا يقال له محمدون بن لأقفاصي فاعلا رأى في منامه شخصا من ولد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب - عليهما السلام - وهو يقول له : " يا محمدون أنا متاذ من تنور الخبز ومجرى الحمام الصغيرة" . فلما أصبح محمدون قص المنام على رجل من أكابر الحارة واستشاره في بشه ، فأشار عليه أن لا يشرع في شيء من ذلك ، فإنك إن نبشته من غير معرفة بمكانه خربت أملاك الناس وتعجز عن مقاومتهم ، فسكت الرجل . فلما كان في الليلة الآتية رأى الرؤيا بعينها وهو يقول له : " احفر ضريحي ولا تهمله ، وآية ما أقول لك ان تراب الضريح يشفي من جميع الآلام والأسقام " . فلما أصبح محمدون حفر المكان ولم يستشر أحدا فظهر الضريح ، وتسامع الناس وأقبلوا ينكرون على محمدون ما فعل وإذا برجل أعمى قد أخذ من تراب الضريح شيئا وتركه على عينه فأبصر ، فكبر وحمد الله ، ورأى الناس تأثير الضريح فتهافتوا عليه وحظي محمدون بسببه وجح عمله ، وتكاثرت على الضريح أصحاب الآلام والأوجاع والعاهات والأمراض وكل من جعل على ألمه شيئا من ترابه برئ لساعته . واتفق أن شخصا من التتركان يعتاده الصرع فسمع بهذا الضريح فأتى إليه كما أتى غيره وطلب معالجته ، فشرط عليه من بالمكان أن يترك الخمر ولحم الخنزير وقتل المسلمين فخرج عن ذلك ، وأخذ من ترابالمكان فبرئ من ساعته ، وبقي أياما لم ير ما كان يعتريه من الصرع ففرح بذلك وخرج سافرا ، فمر في طريقه بمكان يقال له تل زمار به دير للنصارى ، فنزل عندهم وحكى لهم ما اتفق له من زوال الصرع عنه فقالوا له الناصري : " أنت ما برئت بهذا القبر وإما برئت بما عولجت به وتداويت" . فبفي هذا الحديث في نفسه فعاوده الصرع كما كان ، فجاء إلى الضريح وطلب من ترابه فقيل له : " ألم تك قد ا أخذت منه وعوفيت مما كان بك؟" فقال : " بلى ولكني مررت بهذا الدير وبه هؤلاء النصارى فحكيت لهم ما كان مني فذكروا لي كيت وكيت ، فبقي ذلك في نفسي فعاودني ما كان بي " . فقالوا له : " تلك المرة انتقض حكمها ، وبطل ذلك الشرط ، والآن فما ينفعك اشيء من هذا الضريح إلا أن تسلم وتشهد أن جد هذا السيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" . فأبى ذلك ، وبقي مدة على ما به من الصرع ، وزاد به حتى أجاب إلى الاسلام ، فأتى إلى المشهد وأسلم وتناول شيئا من تراب الضريح فبرئ، ولم يعتاده بعد، فحسن إسلامه . هذا ما حكاه لي ناصر الدين ابو الثناء محمود بن عشاير بن محمود ابن حسين بن عبيد يعرف بابن ليالي الموصلي ، والعهدة عليه فيما حكاه ، وذكر أن جماعة كبيرة من التتر ومن نصارى البلاد أسلموا بسببه .1
Shafi 137