ومنها أنه إذا نازل حصنا لم يكن له دأب إلا الركوب بنفسه لترتيب العساكر لزحف ، وتحريضها على لزوم ما يجب عليها يوم الصف .
ومنها أن النقابين إذا كشفوا بالنقب نقاب السور ، فأبدى السفور ، كان هو الوالجا فيه والكاشف له من غير خوف ولا نفور .
ومنها آنه كان يقصد المجانيق ووابل الحجارة عليها من الحصون يلف ، فلا يصده عن قصده من جر الحبال وتحصيل الحجار في كفاتها ولا يكف . ويكفيه فخرا في دنياه وذخيرة له في أخراه ، ما شوهد منه عند ملاقاته التتر ، أيام الملك المظفر (قطز] ، على عين جالوت ، وفعله بهم كما فعل بجالوت طالوت ، وإبلاثه فيهم بفره وكره ، وبطشه وقهره ، وقتله وأسره ، وما رفي عند قطعه الفرات لتصديهم خوضا بأبطاله ، غير مكترث بما قابله النهر به من أهواله ، ولم يعمل في ملاقاتهم خداعا وختلا ، بل كفاحا بالبيض والسمر حتى أبادهم أسرا وقتلا ، وغدوا كما شاء الظفر ، عندما تمكن فيهم منه الأشر والبطر .
ولحومهم للحايمسات مطاعم
ودماؤهم للمرهفات شراب
وحماتهم قتلى وكل متاعهم
نهب وكل سلاحهم أسلاب
وتلك عزيمة تكتسب السيوف مضاءها ، وتستفيد الرماح الشواجر حكمها وقضاءها ، وما أبقاه مخلدا في صحايف الأيام من التوجه إلى بلاد الروم للقائهم ، واستيصال شأفتهم ، حتى لا تهبة للمسلمين ريح رعب من اللقاء بهم ، وهذه الوقعة الي شفت غيظ الإيمان من الكفر ، ومكنت منهم الفتك فاغتالهم بالناب والظفر ، فبلغه الله نهاية الآمال ، وخصه بأفضل الأعمال ، لما روى أمية أنه سمع عبادة بن الصامت يقول : دخل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله أيالأعمال أفضل" قال : " إيمان بالله ، وتصديق برسوله ، وجهاد في سبيله" .
Shafi 318